وصف البطل في شعر الحماسة - درس -

وصف البطل في شعر الحماسة

وصف البطل في شعر الحماسة أنجز باستخدام مجموعة أساليب منها:

• نقل الأفعال والأحوال :

وهو ضرب من الممازجة بين السرد والوصف مثلما هو الأمر في قول أبي تمام :
شــنها شـزبا فــتلـما استـباحـت بالباقلار كل سهب ونيق
سار مستقدما إلى البأس يزجى رهجا باسقا إلى الابسيق
فالأفعال “شن وسار” تتعاضد مع الأحوال “مستقدما ويزجى” في رسم صورة أبي سعيد الثغري أثناء الحرب وجعله نموذج القوة والبأس وإشادة ببعد همتة .
وفي قول المتنبي :
بناها فأعلى والقنا تقرع القنا وموج المنايا حولها متلاطم

فالأفعال في تعاضدها مع الأحوال حولت سيف الدولة إلى بطل يبني ويحارب في ان , يؤسس الحضارة ويبني العمارة إشادة بمكانته .
وفي قول ابن هانئ :
تقودهم في الجيش والجيش منسك وكل حجيج من محل ومحرم
فالأفعال والأحوال تعكس قدرة المعز على تدبير الملك والجيش , فيه تكتمل بطولة القيادة .

•التكثيف من أساليب البيان : وهو ما يتضح في :

•تواتر الاستعارات :

من ذلك: قول ابن هانئ :
جزته الجوازي الخير عنهم فانه سقاهم بشؤبوب من العدل ساجم
فتكثف الاستعارات “سقاهم , شؤبوب من العدل , ساجم “ساهم في تكثيف قيمة العدل في الممدوح
وقول المتنبي :

تغدو المنايا فلا تنفك واقفة حتى يقول لها عودي فتندفع
فالاستعارات “واقفة , تندفع “وان شخصت المنايا فإنها جعلتها خاضعة لسيف الدولة منصاعة لأوامره . فتجلى سيف الدولة متحكما في القوى المجردة . فكانت الاستعارة سبيل المتنبي للارتقاء بممدوحه إلى مقام أسطوري خارق .

وصف البطل في شعر الحماسة

•استخدام التشبيه : من ذلك :

قول أبي تمام :
ونفس تعاف العار حتى كأنه هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر
فأبو تمام شبه العار بالكفر فعقد صلة بين المجرد والمجرد وجاءت الصورة غارقة في التجريد إيحاء بشرف الممدوح من جهة وبتضحيته في سبيل الحمية الدينية من جهة أخرى .
وقول ابن هانئ :
تقودهم في الجيش والجيش منسك وكــل حجيج من محـل ومحــرم
كما صار في الأنصار جدك من منى وقاد الحواريين عيس بن مريم

إذ شبه قيادة المعز للجيش في مرحلة أولى بقيادة الرسول للأنصار وشبهها في مرحلة ثانية بقيادة النبي عيسى للحواريين فسوى عن طريق التشبيه بين المعز والنبي ارتقاء بمنزلة الممدوح إلى مقام المقدس وإيحاء بقوة التدبير .
وقول المتنبي :
مازلت تضربهم دراكا في الذرى ضربا كان السيف فيه اثنان
إذ جعل ضرب سيف الدولة لأعدائه وكأنه صادر عن سيفين تعبيرا عن سرعة الضرب وعمقه وإيحاء بقوة البطش والبأس .

•المؤالفة بين أساليب البيان : ومن مظاهر ذلك :

•مؤالفة أبي تمام بين الاستعارات والتشبيه في قوله :
لقد لبس الافشين قسطلة الوغى محشا بنصل السيف غير مواكل
وسارت به بين القنابل والقنا عزائـم كانت كالقـــنا والقـــنابل
وجرد من آرائه حين أضرمت له الحرب حدا مثل حد المناصل

إذ حول الحرب لباسا لبسه الافشين وجعل العزائم خيلا تسير به في الحرب عن طريق الاستعارة , وماثل بين العزائم والقنا والقنابل وسوى بين قوة الرأي وحدة السيف عن طريق التشبيه . فخلق علاقات تشاكل بين المجردات والمحسوسات وحضرت الحرب إطارا للوصف ومرجعا اغترف منه الشاعر مادته الوصفية لتقريب صورة الموصوف البطل وتكثيف المعاني الحربية . فتحول الموصوف عن طريق المؤالفة بين أساليب البيان إلى نموذج للعزم والبأس والإقدام والرأي السديد فيه تكتمل البطولة المثال شجاعة وبطشا رأيا وحسن تدبير وتخطيط .

وصف البطل في شعر الحماسة

•مؤالفة المتنبي أيضا بين التشبيه والاستعارة في قوله :

وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم
إذ شبه سيف الدولة وهو يقف في ساحة القتال وقد اشتد وطيسها بصورة متخيلة وهو وجوده بين أحضان الهلاك بعد أن استعار للهلاك النوم إمعانا في التخييل وإيغالا في معنى الشجاعة . فتحركت الصورة باتجاه الإعلاء من الممدوح وجعل قدرته تتجاوز القوى المجردة وتحولت الموت إلى قوة عاجزة أمامه إيحاء بصورة البطل الأسطوري.

•مؤالفة المتنبي بين الكناية والمجاز في قوله :

أذا الحرب قد أتعبتها فاله ساعة ليغمد نصل أو يحل حزام
فالكناية”أذا الحرب” تسوي بين سيف الدولة والحرب والمجاز”أتعبتها” يوحي بقوة بطشه وفتكه وبسالته وصموده في القتال .

•المؤالفة بين المجاز والتشبيه في قول المتنبي :

ركض الأمير وكاللجين حبابه وثنى الأعنة وهو كالعقيان
إذ استخدم المجاز”ركض” تعبيرا عن عبور سيف الدولة النهر وإيحاء بإقدامه وشبه ماء النهر أثناء عبور الممدوح له بالفضة لجامع البياض والصفاء وشبهه أثناء عودته من الحرب بالذهب لجامع اللون .إذ عاد سيف الدولة وماؤه قد احمر إيحاء بقوة فتك الممدوح وبطشه .

•تواتر النعوت المسندة إلى البطل إثباتا ونفيا في قول ابن هانئ :

مـدبر حـرب لا بخـــيل بنفــسه عليــــها ولا مستأثر بالغــنائـم
ولا صارف راياته عن محارب ولا ممسك معروفه عن مسالم
وللصارخ الملهوف أول ناصر وللمـترف الجــبار أول قـاصـم
فمراوحة النعوت بين النفي والإثبات أكدت تكامل صورة الموصوف في حالتي الحرب والسلم أو تكامل مجده حربيا وسياسيا ,فهو قائد سياسي وعسكري محنك .

•التدرج من الإجمال إلى التفصيل في قول أبي تمام :


فتى دهره شطران فيما ينوبه ففي باسه شطر وفي جوده شطر
فهذه التقنية وسعت من دائرة البطولة وحددتها و كٲن البطولة لا تكتمل الا متى جمع الموصوف بين قيمتي الفروسية والكرم .

•استخدام تقنية القياس المنطقي في قول المتنبي :


ويستكبرون الدهر والدهر دونه ويستعظمون الموت والموت خادمه
فالقياس ارتقى بالممدوح فوق كل القوى البشرية والمجردة وحوله إلى بطل أسطوري خارق تكاد تضاهي قوته قوة الله .

مقالات ذات صلة

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا