مسرحيّة مغامرة رأس المملوك جابر تجربة فرجويّة جديدة - درس

مسرحيّة مغامرة رأس المملوك جابر تجربة فرجويّة جديدة

مسرحيّة مغامرة رأس المملوك جابر تجربة فرجويّة جديدة

أ- البناء الدرامي:

– تجاوز ونّوس الحبكة  الصارمة للمسرح الكلاسيكيّ الذي يشترط مراحل ثلاثا للبناء الدرامي : العرض – العقدة – الحلّ لتتحقّق الفرجة من خلال : – عدوله عن الوظيفة التمهيديّة التاطيريّة  للعرض التمهيديّ إلى خلق تفاعل بين الركح و المشاهد  بكسر الجدار الرابع الذي يفصله عن الجمهور 

– تعدّد العقد و تنوّع محاور الصراع الحكواتي   ×Øالزبائن / جابر ×Ø منصور / أهل بغداد ×Øالرجل الرابع/ الخليفة ×Ø الوزير ..

– تجاوز بناء المسرحيّة وفق فصول ومشاهد جعلها ذات حركة متّصلة تواكب الفعل الدرامي الذي لا ينقطع إلا بالعودة إلى الركح الخارجي لإبطال تماهي الجمهور مع الأحداث و كشف مواقفه تجاه ما يعرض  

ب- الشخصيّة الدراميّة:

– استفاد ونّوس من التراث أو التاريخ العربي و تصرّف فيه ممّا ينأى بعالم المسرحيّة عن حاضر الجمهور فيتمّ كسر الإيهام  و تعميق التغريب بالمباعدة بين واقع المسرحيّة ووقائع التاريخ كالتغيير في معطيات الحكاية بتحوير الشخصيّات من حيث أسماؤها أو ملامحها أو بإضافة شخصيّات جديدة :

*العلقميّ ! العبدليّ.

*سلطان المغول ! منكتم بن داود ملك العجم.

*زيادة شخصيات كعبد الله وعبد اللطيف وزمرد وياسر.

*خلق شخصيات غير تاريخية ترمز لفئة اجتماعيّة  : زبون 1/2/3/4، رجل1/2/3/4

– الأبعاد الكوميدية التراجيديّة  للشخصيّة  فالمملوك جابر متفرّد بذكاء وقّاد يسعى إلى تحقيق طموحه مطاولا رموز السلطة إلى أن يلقى مصيره الفاجع وهو إلى ذلك منتم إلى طبقة اجتماعيّة وضيعة ,لا تخلو صورته من ملامح القبح والإسفاف مستهتر يبدي ألوانا من السخف والمجون قولا وفعلا و قد قدمه الحكواتي   بقوله:” أينما حل حل معه اللهو والمجون وكان كأهل بغداد آخر من يعنيه ما يجري بين الخليفة وسيده الوزير” وتتجلى الكوميديا في هذه الشخصية من خلال الإشارات الركحية التي تصور حركات جابر فهو :” يتقدم نحو رفيقه لاهيا مدندنا” وهو حين يحذره من سياط الوزير لخطورة ما يقوله عنه:” يفرك مؤخرته بباطن كف وكأنه يساط فعلا” .

– التصوير الكاريكاتوري الساخر لشخصيّة الوزير

ويرمي ونوس من خلال الملامح الكوميدية للشخصيّات تحقيق المتعة  للجمهور  حتى يتابع الفرجة التي ترضي بحثه عن الترفيه و  الطرافة والضحك .

ج- الحوار المسرحي:

– التناوب بين خطابين : خطاب سردي مسموع ينجزه الحكواتي على الركح الخارجي  و خطاب حواري مرئي ينجزه الممثلون على الركح الداخلي و هذا التراوح بين الركحين هو من مميّزات مسرح ونّوس التسييسي استلهمه من المسرح الملحمي البريشتي فيما يسمّى بالتغريب لمنع تماهي الجمهور مع الأحداث .

– نوعه: يترواح بين الحوار الوجداني يثير في المشاهد انفعالات عدّة و حوار جدالي سجالي يخاطب عقله بطرح القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة الراهنة و يتحوّل إلى  حوار تعليمي مباشر  موجّه إلى الجمهور بشكل صريح

– لغته : المزج بين الفصحى والعاميّة في محاولة لتقريب المسرح من الجمهور وخلق الألفة بين الركحين  بتوظيف لغة اقرب إلى لغة التخاطب اليوميّ “يا بو محمد *فخار يكسر بعضه* ناره*هات واحد شاي كمان”.

د- وسائل العرض:

التصريح بأنّ ما يقدّم على الركح هو مجرّد لعبة مسرحيّة و توجيه ذلك إلى الجمهور و الغاية الحفاظ على الوعي المتيقظ للمشاهد و تحفيزه لاتخاذ موقف فعلي مما يعرض و قد حاول ونّوس تحقيق هذه الغاية بوسائل تذكي الطابع الفرجوي كآداء الممثل الواحد لأكثر من دور و تغيير قطع “الديكور” بحمله و تركيبه أمام الجمهور  أو تجسيد جملة من المواقف الدراميّة مثل إلقاء لهب برأس جابر للعمّ مونس، أو ما شهدته نهاية المسرحية من نهوض كل الممثلين الذين يفترض أنهم قتلى ليتوجهوا بالخطاب إلى الجمهور …

– إجراء المسرحيّة من خلال التناوب بين الركحين أو تداخلهما أو انصهارهما في ركح واحد 

ه- الفضاء الزماني والمكاني للعرض:

– التداخل بين الفضاء الزماني والمكاني : فضاء شعبي معاصر (المقهى ) متعلّق بالعرض و فضاء تاريخي  يصوّر الصراع بين الخليفة والوزير  (القصر، أروقة القصر، مدينة بغداد، شوارعها)  

– هذا التداخل المكاني و الزماني يجعل النصّ فعلا مسرحيا جديدا بواسطة وقفات تغريبية لإبقاء ذهن المتفرّج في حالة تيـقّظ و تشجيعه على الكلام والارتجال والحوار بإدماج المسرح داخل المسرح و”كسر الطوق اليابس للعرض المسرحي.” ونوس / هوامش العرض و الإخراج  

– اختيار المقهى باعتباره فضاء شعبيا قريبا من عامّة الناس يخلق أجواء من الراحة و الألفة  يتجاوز به ونّوس فضاء المسرح الكلاسيكي البرجوازي

– تأثيث الفضاء بديكور بسيط  يمكن استبداله بلوحات مرسومة ينأى بالركح عن التزيين الباذخ التي يعمّق الإيهام و التماهي بين المسرح والجمهور

– التصرّف في المؤثّرات الصوتيّة بما يلائم الحركة الدراميّة  (الموسيقى الهادئة المنبعثة من الراديو في بداية المسرحيّة تخلق جوّا من الراحة فتساهم في كسر الإيهام الخادع لدى الجمهور و التوقيع  بأصوات عنيفة في المشهد الأخير  يؤكد أجواء الهول والفاجعة فتعمّق في المشاهد الصّدمة الموقظة التي تحثه على مراجعة موقفه من إنجاز جابر و سلبية أهل بغداد.)

– التحكّم في الإنارة و تو جيهها إلى المواقف التي يروم الكاتب تبليغها  بتسليط الضوء على جوانب من الركح دون أخرى كمشهد الحكواتي وهو يجلس على الكرسي  ينقل مشهد استعداد جابر  لحلق رأسه و تبليغ الرسالة . – التجسيد الإيمائي لبعض المواقف

مسرحيّة مغامرة رأس المملوك جابر تجربة فرجويّة جديدة

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا