شرح نص غريب على الخليج بدر شاكر السياب - درس

شرح نص غريب على الخليج بدر شاكر السياب

إنتاج كتابي تحليل نص أدبي غريب على الخليج  بدر شاكر السياب

غريب على الخليج

بدر شاكر السياب

الأهداف

1-*تبين بعض سمات بنية القصيدة الحديثة وخصائصها

2-*الصورة الحسية ودلالاتها الرمزية

3-*غربة الشاعر ومستوياتها

1-التمهيد

الغربة معنى شعريّ يتداوله الشعراء في مختلف الثقافات قديما وحديثا ولعلّ للغربة مكانة خاصة كمعنى شعري في قصائد السياب الّذي عاش الغربة كتجربة واقعية فانعكست على شعره لتمنحه طابعا رومنسيا حزينا حينا وطابعا رمزيا حينا آخر

2-التقديم

نص شعري حدث يتركب من مائة وواحد من الأسطر الشّعريّة يندرج ضمن محور الشعر العربي الحديث وتحديدافي باب مختارات من مجموعة أنشودة المطر مأخوذ من ديوان الشاعر العراقي بدر شاكر السياب

3-الموضوع

تذكر الشاعر الغريب لبلاده وتولد شعورٍ بالغربة يتداخل فيه الذاتي والموضوعي

1-المرحلة الوصفية

1-1_وصف البناء العلامي

-قصيدة مطولة نسبيا “101سطرا شعريا “

-تتراوح الأسطر الشعرية بين الطّول والقصر مع ميل نسبي إلى الإطالة

_تضمنت القصيدة نسبيا ثلاثة بياضات صغيرة نسبيا

-البياض الأوّل بين السطر 76__والسطر 77

البياض الثاني بين السّطر 78والسطر 79

البياض الثالث بين السطر 93_والسطر 94

1-2-وصف الإيقاع الخارجي

-استعمل الشاعر تفعيلة البحر الكامل متفاعلن ولكنها تفعيلة تعرضت لتغيرات كثيرة

-تجاوزت القصيدة نظام البيت واتجهت نحو كتابة سطرية

-تجاوزت القصيدة نظام التقفية القديم حيث اختلفت نهايات الأسطر ولم نعثر على قافية موحدة

مع الاشارة إلى تعاود بعص الحروف في نهايات الأسطر “الأصيل/رحيل)( خليج_ /نشيج/ضجيج)

è1)هذا الترديد لبعض الأصوات في نهاية الأسطر الشعرية يوحي بنوع من التأثّر بنسق التقفية القديمة

1-3_نظام المقاطع:

-يمكن تقسيم القصيدة بمعيار “الزمن”إلى خمسة مقاطع

*1_من البداية __البحر دونك يا عراق”السطر 14″زمن الحاضر/واقع الغربة

*2_من بالأمس”س15″__هو العزاء”س41″زمن الماضي/تذكر الماضي

*3_أحببت”س42″__معدنية “س71″زمن المستقبل/استشراف العودة

*4_فلتنطفي “س72″__أعود”س93″زمن الحلم/حلم العودة

*5_البقية____زمن الحاضر/انكسار الرؤيا واليأس من العودة

2-المرحلة التحليلية:

2-1-المقطع الأوّل :زمن الحاضر واقع الغربة:

*العنوان:غريب على الخليج ___تركيب إسنادي اسميّ

صفة مشبهة فيها إحالة على الحالة/ المكان من عالم البحر وما يحمله من دلالة الاتساع

“الشاعر يعيش غربة تجسّدها علاقة الشاعر بالمكان _علامة غربة /إحساس بالغربة

è1)اختزال العنوان النص يحوّله إلى بؤرة معنويّة أو منبع تندفع منه دلالات القصيدة

-افتتحت القصيدة بصور شعرية تقوم على الاستعارة :”الريح تلهث بالهجيرة”وعلى التشبيه كالجثام على الأصيل /وعلى القلوع تظل تطوي أو تنشّر للرّحيل”:وهي صور مصدرها الطبيعة حيث تكونت من عناصر طبيعية “الريح/الهجيرة “

è2)كما أنّ العلاقة بين الريح والبحر تبرز صعوبة الحركة فكذلك الريح والبحر يمثلان حاجزين يحولان دون الشاعر والعودة إلى وطنه

è2)يبدو بذلك صراع القوة الطبيعية والقوة الإنسانية صراعا دراميا لا متكافئا

-هناك صورة أخرى هي صورة ازدحام الخليج بالغرباء والمنفيين:”زحم الخليج بهن مكتدحون جوّابو بحار من كل حاف نصف عاري”

è2)ويظهر أنّ صورة الرّيح اللاّهثة بالهجيرة وصورة المكتدحين تهيئان لصورة مركزية هي:صورة الغريب

-صورة الغريب:مكوّناتها:

-الحالة:”جلس الغريب يسرح البصر المحير في الخليج”

-الإرادة:وإرادة الغريب على الانبعاث والعودة تبدو قوية “يهد أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج…يهدر رغوه”

-في السطر التاسع تحول الشاعر من استخدام ضمير الغائب هو إلى اعتماد ضمير المتكلم أنا”صوت تفجر في قرارة نفسي الثكلى :عراق”

è1)تكرار اللاّزمة الشعرّية “عراق “له وظائف إيقاعية وأخرى دلالية حيث إذ يبيّن مدى تعلق الشاعر بوطنه العراق

-يبدو أنّ هناك أربعة أقطاب في هذا المقطع وهي:الطبيعة “البحر الهجيرة _الخليج _الأنا”الشاعر”_الهم”الكادحون”_العراق”الوطن

_الطبيعة: علاقة صراع وتصادم  

أمّا العلاقات بينها فهي على النحو التالي

الأنا:

_العراق: علاقة شوق ومحبة ورغبة    
_الهم: علاقة اشتراك واتفاق  

2-2-المقطع الثاني :تذكر الماضي:زمن الماضي

*تحول من الحاضر إلى الماضي:”بالأمس حين مررت”

-هو تحول من الواقع إلى الماضي بما يمثّل الأحلام

è1)يقوم بناء القصيدة الحديثة على إدماج أسلوب الرّؤيا وتوظيف الأحلام في بناء الصّور والتّعبير عن الأحوال.

*وجود مواطن سردية :مررت بالمقهى __

                         سمعتك ياعراق

                        وكنت دورة أسطوانة

è2)استرجاع بعض ذكريات الطفولة ومن العلامات على ذلك امتزاج الألم بالفرح وعبق الذّكريات(هي وجه امي) .وقد وظّف لذلك متابعة حركة الاسطوانة ونقلها من الأداة إلى الذّاكرة.

**مكوّنات الذّاكرة في النّصّ:

1-وجه أمّي:الحلم والألم وبقايا الأمل في أمّ وطن

2-القرية وثقافتها وهي مثقلة بالذاكرة الشعبية “وهي المفلّيّة العجوز “وما توشوش عن حزام”

3-حكايات العمة “وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين”

-4حبيبة الشاعر “زهراء”والتي ترمز إلى عشتار زهراء أنت _أتذكرين

è2،3)مقطع تعلق بالزمن الماضي زمن الطفولة والخصب وفيه تصوير لمشاهد من الطفولة المفعمة بالرموز الأسطورية

è3)تمّ الانتقال من حركة الذاكرة إلى حركة الواقع هذا الواقع الذي جعل من الذكريات هباءً منثورا”حلما ودورة اسطوانة”

2-3-المقطع الثالث:زمن المستقبل:استشراف العودة:

-تكثف المعجم الوجداني “عراق روحي/حببتك/مصباح روحي” والّذي يعبر عن شوق الشاعر وحنينه للقاء الوطن

-جمع الشاعر في هذا المقطع بين العراق والحبيبة عشتار لاشتراكها في الأنوثة والخصوبة والعطاء لكنه يقر أنّ لقاء الحبيبة لا يكتمل إلاّ بلقاء العراق”لو جئت في البلد الغريب إليّ ما اكتمل اللقاء”

-صور الشاعر حنينه إلى وطنه مستعملا أسلوب التشبيه “شوق يغص دمي اليه _كأنّ كل دمي اشتهاء… جوع إليه كجوع كل دم الغريق إلى الهواء”.حيث خلق علاقة جديدة بين المشبّه والمشبه به هي علاقة تنبع من إحساس الشاعر ورؤيته لعلاقته بوطنه

-تعجب الشاعر من خيانة البعض لأوطانهم بطريقة تبدو اقرب إلى البيان المباشر منها إلى التّركيب الشعري للمعنى”إنّي لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون ؟أيخون إنسان بلاده؟”

-يفضل الشاعر بلاده على غيرها مستعملا في ذلك أسلوب التفضيل”الشمس أجمل في بلادي…حتى الظلام هناك أجمل”

-تحسر الشاعر وإحساسه بالألم من الغربة:”واحسرتاه متى أنام”

-شبه الشاعر نفسه بالمسيح المنفي /استلهام التراث الديني في القصيدة الحديثة”فأنا المسيح يجر في المنفى صليبه”

è3)يحيل الشاعر على الواقع بما يتضمنه من قهر واضطهاد  وجوع ومعاناة في إدانة واضحة لهذا الواقع

-“سمعت وقع خطى الجياع”:كما أن الشاعر يعاني ما يعانيه هؤلاء الجياع “مازلت اضرب مترب القدمين _أبسط بالسؤال يدا نديّة”

è3)فتبدو حالة الشاعر خارج وطنه مزرية ومرعبة في جانبيها النفسي والمادي حيث يعاني الاحتقار والانتهار والازورار

“بين احتقار وانتهار وازورار أوخطية “

è3)فكرامة الإنسان وعزته لا يتحققان إلاّ في وطنه والخروج من الوطن هو فقدان لذلك

يرى السياب أنّ الكرامة =العراق وانّ العزّة=العراق وأنّ النّفي والغربة فقدان للكرامة والعزّة

è3)تعادل صورة الوطن عنده صورة الحلم الإنسانيّ في الخلاص من الظّلم والقيد

-وهو بعزة نفسه يفضل الموت “والموت أهون من خطية

2-4-المقطع الرابع:زمن المستقبل: الحلم بالعودة:

“فلتنطفي يا أنت يا قطرات يا دم يا نقود يا ريح”:تحوّل من الأسلوب الخبري إلى الأسلوب الإنشائي في”الأمر والنّداء”:

è3)الأسلوب الإنشائي يعبّر عن الانفعال الّذي يعيشه الشاعر في غربته عن وطنه

-تكرار اللاّزمة “متى أعود”أربع مرات يحقّق وظيفة إيقاعية ويظهر إحالة دلالية على رغبة الشاعر الشديدة في العودة

-تكرار الناسخ الحرفيّ “ليت”الذي يفيد التمني مرتين:”ليت السّفائن لا تقاضي راكيبيها عن سفار

أوليت أنّ الأرض كالأفق العريض بلا بحار” يدعّم هيمنة الإنشاء على المقطع ويبدي تمني زوال كل معوقات العودة.

-توجيه الخطاب إلى النّقود “مازلت احسب يا نقود…ما زلت انقص يا نقود..مازلت أوقد بأسمائك نافذتي وبابي” بأسلوب يطغى عليه التكرار التركيبي

è3)يخاطب الشاعر النقود باعتبارها الوسيلة المساعدة على تحقيق العودة وهي حالة تواصلت لدى الشاعر “مازلت “وامتدّت وتعاودت

-والشاعر في حيرة من إمكانية تحقيق العودة لذلك نراه يتساءل:

أتراه يأزف قبل موتي ذلك اليوم السعيد؟”

فيوم العودة وانتهاء الغربة هو اليوم السعيد الّذي يمثّل أمل الشّاعر والّذي لا يلبث أن يتصوّره “سأفيق في ذلك الصباح وفي المساء من السحاب”

يسر وفي النسمات برد مشبع بعطور آب”

è3)ويتصور الطبيعة في ذلك اليوم زاهية ممطرة لتوحي بالخصب والعمار بأرض العراق البعيدة.

è2)إذن يتجاوز الشاعر الحلم إلى التصور

2-5-المقطع الخامس:

– لكن الحلم في المقطع الرابع لا يلبث ان ينكسر ويتحطم على صخور الواقع العاتية لتبرزه أدوات لغويّة هي:

*التفجع”واحسرتاه”

النفي”فلن أعود”

الاستفهام الإنكاريّ”وهل يعود من كان تعوزه النقود”

الحصر”ما لديك سوى الدموع وسوى انتظارك دون جدوى للرّياح وللقلوع”

يعبر الشاعر بالتفجّع والنفي والاستفهام الإنكاري والحصر عن انكسار حلم العودة

è3)كل هذه الأساليب تستبطن نفسية الشاعر المتفجّعة من مواجهة الواقع

è3)وتلك نهاية تشاؤمية انتصر فيها الواقع على الحلم مما يعمق إحساس الشاعر بالغربة واليأس والألم

3-مرحلة القراءة التأويليّة

إنّ قصيدة غريب عن الخليج قد جسدت معنى الغربة الذّاتي أي غربة الشاعر عن وطنه كما حملت إشارات إلى غربة جماعية هي غربة كل المنفيين والمطرودين والمحاصرين بعيدا عن أوطانهم

لم يحل الهم الذاتي دون أن تحمل القصيدة مشاغل جماعية هي مشاغل الفقر والاضطهاد والمعاناة كقوله”سمعت وقع خطى الجياع تسير “

كما أنّ الغربة الذاتية هي الحافز المساعد والدّاعم للغربة النفسية أو التصدّع النّفسي الّذي يعيشه الشاعر لأنّ العودة تصبح بالنسبة إليه “حلم ودورة اسطوانة”

4-التّأليف:

*قصيدة حديثة في بنيتها تجاوز فيها السياب نظام البيت القائم على الشّطرين المتساويين نحو كتابة سطرية في أسطر شعرية مختلفة الطول كما تجاوز فيها نظام التّقفيه التّقليدي

*كانت الصورة في أغلب مصادرها حسية لكنها حملت معاني رمزية كثيرة *لم تخل القصيدة من الرمز والإيحاء إذ وظف الشاعر الاسطورة فالحق القصيدة إلى مستوى الأعمال الإنسانية الخالدة *الغربة هم ذاتي انفتح على شواغل جماعية

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا