السخرية في رحلة الغفران - درس -

السخرية في رحلة الغفران

السخرية في رحلة الغفران : الآليات والمقاصد يعتبر الجانب الهزلي قطبا من أقطاب الانشداد إلى الرسالة و القارىء في هذا المجال منشغل بما تمليه العبارة من صور ساخرة عابثة وقد تجلى الهزل هذه في مواضع عدة و بآليات مختلفة يمكن أن نرجعها إلى أربعة أصناف:

***السخرية بالمفارقات:
– بين المكان والسلوك: عربدة في الجنان.
– بين المقام والمقال: خوف إبن القارح من السقوط في مشهد القنص مثلا.
– بين المجهود والنتيجة: محاولات ابن القارح التقرب من رضوان خازن الجنان.
– بين الغفران وسببه: دخول الجنة ببيت من الشعر أو قصيدة.
– بين القول والفعل: ابن القارح يدعو إلى عدم العربدة ويعربد ويدعو إلى عدم التخاصم ويخاصم ويدعو نفسه إلى الصبر يوم الحشر ولا يصبر.
***السخرية بالموقف:
– رغبة ابن القارح في كتابة شعر الجن ثم عدوله عنه إذ يقول : فيهم الشيخ بأن ]كتتب منه ثم يقول….و لست بموفق إن تركت لذات الجنة و أقبلت أنتسخآداب الجن. فيبدو البطل صارفا نفسه في موقفه عن اللذة المعرفية إلى اللذة المادية.about:blank

– حوار ابن القارح وإبليس حول صناعة الأدب.
– خلوة لبن القارح بحوريتين حمدونة و توفيق السوداء و اكتشافه لحقيقتهما الدنيوية.
***السخرية بالحركة:
– مشهد عبور الصراط و الجارية تحمله زقفونة.
– مشهد ابن القارح وهو متعلق بركاب إبراهيم.
– مشهد فرار إبن القارح من الحية التي راودته إذ يقول المعري: فيذعر منها و يذهب مهرولا في الجنة.
***السخرية بالعبارة:
– الاستهلال الثعباني: خالف المعري شروط في الرسالة الأدبية فبدل أن تكون مدحا للمرسل إليه نجد أبا العلاء ينزاح عن هذه السنة فيبدأ الرسالة بالأفاعي و الثعابين والسموم لتتحول الديباجة تحية رمزية تؤكد على التشابه بين ابن القارح والثعابين في التلون و التلوي.
– جدل الظاهر المدحي والباطن الضاحك: أجري المعري مقدمة الرسالة على ثنائية الظاهر والباطن فكان ظاهر الكلام مدحا و باطنه سخرية كالتشبيه اللامعقول لرسالة ابن القارح بالنصوص المقدسة واعتبار القارئ لها كالقارئ للقرآن.
-الجمل الدعائية التي تثير تهكما عليه من خلال التناقص بين مضمون الدعاء و سلوك البطل كقوله: و يخلو – لا أخلاه الله من الإحسان – بحوريتين. وأين الإحسان مما أتاه البطل من سلوك.

– الاستطرادات و الشروح اللغوية: تشغل وظيفة السخرية من ابن القارح بتنزيله وهو المدعي للمعرفة منزلة التلميذ أمام منزلة التلميذ أمام شيخ العصر أبي العلاء.
– اعتماد كلمات تحمل المعنى و ضده من قبيل: مسجور (ملآن و فارغ) أو مأجور ( أجر إلهي أو أجر دنيوي).
– استعمال غريب الألفاظ: جحجلول/ كفرطاب / زقفونة.
في الرحلة إذن كثافة للأساليب الهزلية الساخرة وظفها المعري ليعبث بابن القارح و ليسخر من السائد أيضا:أ/ العبث بابن القارح
* ابن القارح شخصا:
– شيخ يتصابى: و ذلك في مشهد اختلاله بحوريتين.
– شيخ عديم الصبر: مشهد يوم الحشر: و خفت في العرق من الغرق.
– شيخ متملق: مدحه لرضوان خازن الجنان.
– شيخ دعي: ادعاؤه أنه أكثر الناس حفظا للشعر و للغريب.
* ابن القارح أديبا:
– التكسب بالشعر.
– انتحال الشعر و التكلف فيه.


* ابن القارح عقيدة:
– أظهر المعري رقيق منافقا الدين يختلس النظر أثناء السجود ناظرا إلى عجيزة الجارية. كما صوره متظاهرا بالورع متضلعا في الدين من خلال استشهاده بالقرآن.
ب/ السخرية من السائد:
* السخرية من المعتقدات الخرافية:
غير خاف ما كان في أثناء الرحلة من سخرية واضحة تتعلق بالأوهام التي رانت على العقول حتى صارت قلوب الناس غلفا و على أبصارهم غشاوة و من بين هذه الأوهام و المعتقدات ما راج من إيمان مادي مجسد بالجن و العفاريت و أنهم يتشكلون ليستخفوا من الناس و أنهم يؤثرون في الدنيا إذ يقول شيخ العفاريت أبو هدرش لابن
القارح عند زيارته لجنة العفاريت: إنا أعطينا الجولة في الدار الماضية فكان أحدنا إن شاء صار حية رقشاء و إن شاء صار عصفورا و إن شاء صار حمامة.و الظاهر أن هذه الخرافات قد راجت إلى الحد الذي تكلف فيه أديب هو
المرزباني جعل ديوان للجن يقول عنه شيخ الجن: إنما ذلك هذيان لا معتمد عليه.
السخرية من تصور العامة للعالم الآخر:
و تظهر هذه السخرية في متعلقات العالم الآخر من جنة و نار و عبور صراط. فالجنة قد حشد فيها كل المتع الحسية من ولدان مخلدين و جوار قوارير و طعام وشراب و لهو. و الصراط صوره المعري ساخرا كما تمثله الناس عصرئذ مدخلا إلى الجنة من عبره سلم إلى جنته و من تعثر كان على جرف هاو فهوى به في نار جهنم.


السخرية من معتقد التعويض:
و كانت هذه السخرية بأن حقق المعري للناس في جنته ما كان ينقصهم في دنياهم فالأعشى قد صار عشاه حورا معروفا و إنحناء ظهره قواما موصوفا. و زهيرا بن أبي سلمى الذي عمر فنكس في الخلق صار في الجنة شابا كالزهرة الجنية… كأنه ما لبس جلباب هرم. و حمدونة الت يطلقها زوجها لرائحة كرهها من فيها صارت كأنها الياقوت والمرجان و توفيق السوداء أصبحت أمصع من الكافور. و الظاهر أن المعري قد سخر من فكرة التعويض لأن أصحاب الجاهو الأثرة اتخذوها ذريعة يطمئنون بها الفقراء خاصة إذا ما تدعمت بفكرة القضاء و القدر.

مقالت ذات صلة بالموضوع

  • الإضحاك في رحلة الغفران نقد و احتجاج
  • السخرية في رحلة الغفران إمتاع
  • آليات السخرية من ابن القارح في رحلة الغفران
  • الإضحاك في رحلة الغفران حاجة نفسية
  • الإضحاك في رحلة الغفران تقليد أدبي
  • الإضحاك في رحلة الغفران بين الحاجة والاحتجاج
  • تجليات الخيال في رحلة الغفران
  • مصادرالخيال في رحلة الغفران
  • مفهوم الخيال في رحلة الغفران
  • الجرأة في رحلة الغفران
  • تدريب على إنتاج مقال أدبي رحلة الغفران
  • إحكام البناء في رحلة الغفران
  • إحكام البناء في قسم الرحلة ( الجزء الثاني)
  • إحكام البناء في رحلة الغفران ( الجزء الثّالث
  • السارد في رحلة الغفران أنواعه و مواقعه
  • وظائف السارد في رحلة الغفران:
  • السخرية من ابن القارح
  • النسيج الفني المثير:توليد الحكاية من نصوص تراثية
  • المعري محاجج لواقع المجتمع: الطريقة والقضايا والغايات
  • المعرّي محاجج لثقافة العصر:

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا