شرح قصيدة تعوضت من واه بآه

شرح قصيدة تعوضت من واه بآه

تميّز المقطع الأوّل من قصيدة تعوّضت من واها بآه لابن خفاجة بثراء إيقاعيّ تجلّى في مستويين:

المستوى الأول:

أساسه الإيقاع الخارجيّ الّذي ارتضاه ابن خفاجة وتمثّل في بحر الطّويل، وتفعيلاته فعولن مفاعيلن.

يتميّز هذا البحر بالشدّة والقوّة محاكاة لشدّة الواقع الّذي يعيشه، أمّا بنيته الإيقاعيّة فجليّة من خلال كثافة المقاطع الطّويلة وقد بلغ عددها عشرة مقاطع.

وهذا الاختيار ليس اعتباطيّا مفصولا عن الدّلالة وإنّما هو معلَّل لتجانس المقاطع الطّويلة المنغلقة والمقاطع الطّويلة المنفتحة وحالة الشّاعر النّفسيّة.

فالمقاطع الطّويلة المنفتحة تحاكي الآهات والآلام والهموم وأمّا المنغلقة فهي تدلّ على الاختناق والانحباس.

تتأسّس بذلك ثنائيّات تظهر الكون الشّعريّ في القصيدة فعالم الانغلاق ينفتح على الحزن والهمّ والألم وعالم الانفتاح الذّي تجليه المقاطع القصيرة ذو صلة بالفرح والسّعادة واللّذة.

هذه الثّنائيّات المتقابلة الّتي يكشفها الإيقاع الخارجيّ تلتقي لتؤسّس قطبين أساسين هما الحياة والموت على سبيل الاستعارة.

تندرج فيه جملة من التّحوّلات الّتي يعيشها الشّاعر أهمّها انقلاب الأحوال من الإيجاب إلى السّلب.

فالماضي حركة، سعادة، لذّة، فرح، والحاضر سكون، حزن، ألم.

إيقاع القصيدة مجانس لحدث الذّكرى الّتي يسترجعها الشّاعر والذّكرى حالة نفسيّة مركّبة تجمع بين اللّذة والألم، لذّة استرجاع الماضي شعرا وألم فقدان الماضي في الحاضر.

المستوى الثّاني:

وهو الإيقاع الدّاخلي فقد تعدّدت روافده ومولّداته.

فمن خلال الجناس ” واها، آه، هوى، هون، خوان، إخوان”

وتمثّل المقوّم الثّاني في التّماثل التّركيبيّ الأفقيّ بين الصّدر والعجز لتكون الأصوات في القصيدة متجاوبة تجاوب الصّائت والصّدى، وكأنّ القصيدة تردذد صدى أحوال منشئها وآلامه وآماله.

ذات الشّاعر تعاني انقلاب الأحوال وهذا ما عبّر عنه الطّباق، طباق بين الحاضر والماضي:

الحاضر: آه، هون، خوّان،

الماضي: واها، هوى، إخوان، صدق

وظّف الطّباق لتصوير حال النفس في تقلّبها ، البعد عن الوطن، والحنين إليه

ذات الشّاعر حاضرة منذ البداية فهو ذات تترنّم شعرا وتوقيعا ونفسا تتألّم حنينا وشوقا.

المقطع الثّاني من قصيدة تعوّضت من واها بآه ابن خفاجة

شرح قصيدة تعوضت من واه بآه