جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام تحليل نص يوم أرشق’محور الحماسة سنة 4 آداب

التّقديم: جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

 -يستحيل المعتصم بطلا نموذجيّا قاهرا يتحكّم في ثنائيّة الحياة والموت في الكون وهو حامي الإسلام ومثله وقيمه.

لاميّة منظومة على بحر الكامل قيلت في الثّناء علىالمعتصم بعد واقعة أرشق الّتي تصدّى فيها المعتصم لبابك الخرميّ وأتباعه باعتباره المؤتمن على شؤون الإسلام والرّاعي لمبادئه وأصوله ولمّا كان بابك الخرميّ خطرا على الدّين الإسلاميّ لا سيما بعد إمعانه في طلب المعاصيّ والمقابح وتحريض الفلاّحين على التّمرّد على الخليفة العبّاسي كان لابدّ للمعتصم أن يواجهه وأن يثأر منه ويفتك به حفظا لقيم الإسلام من الاندثار وتأمينا لثوابت الأمّة وبهذا
النّحو جاءت القصيدة في المدح مفتوحة على الهجاء وقد نشرت النفس الحماسي إلى مقاطع
المدح والهجاء معا فخرجت عن وحدة الغرض

الموضوع جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

يحكي أبو تمّام أطوار المعركة الّتي خاضها المعتصم ضدّ بابك وأتباعه جاريا إلى الإعلاء من شأن الخليفة العبّاسيّ وجيشه في مقابل استصغارالقائد الخرميّ والتّنكيل به.

المقاطع جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام:

تنبني هذه القصيدة ذات النّفس الحماسيّ الملحميّ على أقسام ثلاثة يستغرق القسم الأوّل منه البيتان الأوّل فالثّاني وفيه يخبر أبو تمّام عن انقلاب أمور المشركين وغيرة الخليفة على حمى الإسلام أمّا القسم الثّاني وهو القسم الأطول فقد امتدّ من البيت الثّالث إلى البيت الثّاني والعشرين واستطرد الشّاعر إلى حكاية أطوار المعركة وتفرّد القسم الثّالث بالبيتين الأخيرين وهو قسم في المدح الخالص فيه يمدح أبو تمّام المعتصم ويعلي فضله على الإسلام والمسلمين.

التّحليل جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

1-إخبار أبي تمّام عن انقلاب أمور المشركين وغيرة الخليفة على حمى الإسلام:

ذهب أبو تمّام إلى شحن مقدّمة قصيدته بمولّدات إيقاعيّة ثريّة متنوّعة بعضها إطاريّ خارجيّ مفروض كرويّ اللاّم أو تصريع البيت المطلع أو الالتزام بوزن بوزن الكامل أمّا بعضها الآخر فداخليّ فرديّ تجلّى في استخدام ظواهر صوتيّة متعدّدة كطلب الجناس ( الألفاظ المتجانسة ) طلبا مبالغا فيه وكترديد أصوات مخصوصة كصوت الرّاء وصوت الميم وصوت الباء أو كتغليب المقاطع الطّويلة النغلقة على القصيرة المنفتحة.

-إنّ هذه الظّواهر تعمّق إيقاعيّة الكلام وتقوّي جماليتها فإذا به كلام عائد على نفسه في دوريّة دائمة وهو ما يجعل إيقاعه غنائيّا يحكي المعنى ويوحي به فالأصوات والمقاطع والألفاظ المتجانسة مشتركة في أغلبها في خلق إيقاع موسوم بالصّلابة والقوّة والعنف انسجاما مع مضمون القصيدة وتناغما مع مع نفسها الحماسيّ

-إيقاع الشّعر الحماسيّ صلب شديد لا تجافي ملامح البطل الموصوف ومشاهد المعركة المنقولة.

-وظّف أبو تمّام منذ البيت المطلع أسلوب السّرد غير أنّ السّرد في المقطع جاء مختزلا موجزا بعيدا عن الإطناب والإسهاب وقد أخبر هذا السّرد الموجز عن الانقلاب الّذي أصاب قائد الخرميّة وهو انقلاب من حال إلى حال من حال التّكبّر والتّمرّد والزّهو إلى حال الاستسلام والانكسار والانقياد أمّا الصّورة المختزلة المرسومة بالسّرد عن الخليفة فهي صورة البطل المؤتمن على شؤون الإسلام والخلافة فكان لغضبها أثر على النّفوس والمهجات.

وقد انقلبت من حال الرّفعة والغلاء إلى حال الرّخص والانحطاط. 2-حكاية أطوار المعركة: شغل المقطع الثّاني حيّزا نصّيا جوهريّا لكونه المقطع الّذي عليه مدار الوصف الحماسيّ وبذلك يصبح بمثابة الاستطراد إلى معنى مدحيّ واحد هو المعنى الحربيّ الّذي توسّع فيه ووشقّقه ليصبح جوهر القصيدة وهذا دليل على تمكّن الحماسة منه بعد أن سارت في جلّ أبياتها حكاية المعركة ووصف البطل منتصرا وآخر مهزوم وقد استهلّ أبو تمّام هذا القسم الحماسيّ بعمل النداء إذ شبّه فيه يم الواقعة بالإنسان لجامع الإنصات والإصغاء بينهما وهو نداء مفتوح على معاني الاستحسان والتّمجيد والتّعظيم.

-إنّ استحضار يوم الواقعة مضافا إلى اسم المكان الحاضن له يجري إلى تحقيق غايتين : §تخليد الواقعة وجعلها رمزا ثقافيّا من رموز الأمّة تذكّر بأبطالها ومنجزاتها وانتصاراتها ( شعر الحماسة تخليد لمآثر الأمّة في المجال الحربيّ) §الإيهام بانشداد الشعر الحماسيّ إلى حكاية مرجعيّة واقعيّة والحال إنّ ذلك الشعر سرعان ما يسمو بالواقعة عن حضورها المرجعيّ إلى حضور لها يختلط فيه الواقعيّ بالمجازيّ الممكن بالممتنع والمألوف بالمفارق

-إنّ صلة الشّعر الحماسيّ بالوقائع المرجعيّة صلة متردّدة بين الانشداد اليها باستدعاء اسماء الأعلام سواء أكانت أعلاما/ أمكنة ( عمّوريّة زبطرة أرشق سرّ من رأى المعتصم بابك أبو كرب … )

-باعتماد الاستعارة والخيال في حكي أطوارهاورسم ملامح أطوارها يتقاطع في شعر أبي تمّام ذي النّفس الحماسيّما هو مرجعيّ تاريخيّ وما هو مجازيّ خياليّ. -إنّ ما يميّز شعر الحماسة سواء كان مدحا أم رثاء أم فخرا متردّد بين الاتصال بالوقائع المرجعيّة من جهة والانفصال من جهة ثانية فهو يوهم بأنّه شديد الصّلة بالوقائع التّاريخيّة الخارجيّة يحكيها ويجري إلى تخليدها باستدعاء أسماء مواقعها (فتح عمّورية يوم أرشق…) واستحضار أسماء شخصيّاتها المنتصرة منها والمنكسرة ويذكر أسماء المدن الحاضنة لأحداثها.

-تبدو القصيدة الحماسيّة مقيّدة بأزمنة محدّدة تدلّ عليها أسماء الشّخوص التّاريخيّين ومقيّدة بأمكنة مضبوطة ذات حضور مرجعيّ في الواقع. -لكنّ الشّعر الحماسيّ لا ينفكّ يعمل على إضعاف صلاته بالوقائع المرجعيّة الخارجيّة بالنّزوع إلى الاستعارات العيدة والمبالغات والميول إلى أسطرة الأحداث وفاعليها بفتحها على الخوارق والمعجزات الخياليّة. -مزيج يتجاور فيه الوقائعيّ والعجيب والمرجعيّ والخياليّ والتّاريخيّ والأسطوريّ.

-أسماء الشّخوص: تشدّ النّصّ إلى إطار تاريخيّ له بداية معلومة ونهاية معروفة -الشّعر الحماسيّ -أسماء المدن والأماكن: قيود مكانيّة تحكم صلة النّصّ بأطر مكانيّة ذات حضور مرجعيّ -نزع أبو تمّام في المقطع الثّاني منزعا سرديّا خالصا جسّمته الجمل الفعليّة المتواترة وقد أقيم أسلوب السّرد على التّتابع حينا والتّزامن حينا آخر: ما يشي بخطّية السّرد وتتابعه حضور أداة الاستئناف (الفاء) في بعض المواقع وهي أداة تجمع بين أحداث متتابعة متلاحقة على خطّ الزّمان أما الحجّة على احتكام السّرد إلى التّزامن فهو الظّرف الزّمانيّ ( لمّا ) في أبيات أربعة وقد وردت الأحداث متسارعة عجولة إخبارا عن عجلة المعركة وسرعة حسم جيش المعتصم لها. وقد عدّد أبو تمّام الفاعلين الّذين تعلّقت بهم الأحداث فالفاعل الأوّل فاعل في صيغة الجمع يعود على المعتصم وجيشه وقد تعلّقت به أفعال ثلاثة يدلّ الأوّل والثّاني بوزنهما الصّرفي على الدّخول زمن اللّيل (أسروا/أدلجوا) في حين عبّ الثّالث عن المبالغة والتّكثير وهي أفعال ثلاثة تشي بشجاعة جيش المسلمين لتخيّر أفراده اللّيل زمانا للفعل والمواجهة والنّزاع من جهة وتخبر عن تصميمهم على إنهاء ثورة بابك وعزمه على قهره وتخليص الإسلام من مساوئه ومعاصيه وقد عمّقت هذه الصّورة المرسومة عن الجيش بأفعال وصورة بيانيّة بلاغيّة سبّه فيها المسلمون بالأسود إظهارا لشجاعتهم وبأسهم وإقدامهم وقوّتهم واندفاعهم وبطولتهم لكنّ هذه الصّورة البلاغيّة صورة موروثة مستقرّة في السّنّة الشّعريّة القديمة إذ كثيرا ما يتّخذ الأسد مثالا أعلى في القوّة والإقدام والشّجاعة وهي صورة كثيرا ما تردّدت في شعر الحماسة منذ الجاهليّة في أشعار عنترة بن شدّاد وطرفة بن العبد.

-تتضافر الصّورة البيانيّة مع الأفعال المحكيّة في إظهار جيش المعتصم في مظهر الجيش القويّ المتسامح المريد البطل. -أمّا الفاعل الثّاني فهو فاعل في صيغة مفردة لا يخرج عن بابك وقد قامت الأفعال المتعلّقة به على التّزامن بين حدث ثانويّ هو رؤية بابك جيش المسلمين وأحداث رئيسيّة هي حجر الغواية والإقدام على الفرار واليقين من الهزيمة غير أنّ الأفعال الّتي أسندت فيها ما هو مسند إليه كفعل الرّؤية وفيها ما أسند على وجه الاستعارة كحجر الغواية ومؤاخاة الفرار. وقد شبّهت الغواية بما هي تكبّر وزهو ومكابرة بالمرأة في حين شبّه فعل التّخلّي عن التّكبّل بالحجر فالاستعارة تصريحيّة وهي مكنيّة جرت في لفظ الغواية وهي مرشّحة لاستحضار ملائم المشبّه به. -اسهمت الاستعارات في إبراز ضعف بابك وعجزه عن مواجهة جيش المعتصم : الصّورة المرسومة في ضوء ما أسند إليه من أفعال في صورة القائد الضّعيف العاجز الذّليل.

-نهض السّرد بوظيفتين متعارضتين:

§الأولى قوامها السّموّ بجيش المعتصم إلى مصاف الأبطال العظماء.

§الثّانية أساسها الانحطاط ببابك إلى أدنى درجات الضّعف والجبن. -أمّا الفاعل الثّالث فهو فاعل مجازيّ يتمثّل في الحروب أظهرت بمظهر المرأة التّي تتّخذ من الزّخرف والزّينة سمات مميّزة لهوايتها. -لقد استعار أبو تمّام للحرب صورة المرأة لكنّه غيّب المرأة وأشار إليها ببعض لوازمها ( لبست، خدعت، الزّخارف…) فالاستعارة استخدمها أبو تمّام ليخلّص الحرب من بشاعتها المعهودة باعتبارها مشدودة إلى القتال والقتل والدّمار والتّخريب وليكسبها صورة جديدة صورة المرأة المتقنعة المتجمّلة ذات الحسن المغريّ وعوض أن يسند الأفعال الّتي علقت بالجرب هي أساس خطّة المعتصم والمرتفعات والتّفريق بين أتباع بابك غير أنّ أبا تمّام سرعان ما عمد إلى فتح الأحداث المرويّة على الخارق والمعجز والأسطوريّ في طور النّزال والمنازلة فقد زامن بين شروع المسلمين في القتال وظهور ملائكة السّماء في مواجهة بابك وأتباعه.

-انفتح السّرد زمن النّزاع على الخوارق والمعجزات إذ قام على المجاورة بين حدث حقيقيّ مرجعيّ (منازلة المسلمين لبابك) وحدث خياليّ أسطوريّ مجازيّ (ظهور الملائكة أو مشاركة أفرادها في القتال ) -لا يخلو شعر الحماسة من مجاورة دائمة بين التّاريخيّ والمرجعيّ والأسطوريّ الخارق.

-يصـرّ أبو تمّام على إخراج معارك المعتصم ضد أعدائه الخارجيّين كتيوفيل بمخرج المعارك الدّينيّة المسنودة من السّماء ومؤيّدة تأييدا إلهيّ. -معركة المعتصم ضد بابك معركة جهاديّة تحرّكها الحميّة الدّينيّة والغيرة على الإسلام.

-انفتح السّياق الّتي يحكي فيه طور النّزال على إفراط في طلب الجناس بوصفه محسّنا بديعيّا لفظيّا فقد جانس أبو تمّام مجانسة تامّة بين الزّوال(الزمان) والزّوال الدّال على الفناء والاندثار وجانس مجانسة غير تامّة بين الفعل نزل والمصدر نزال وبين الجمال والجمّال : إنّ هذه المجانسات تلوّن إيقاع الكلام الدّاخليّ ويحسّنه. -أمّا من جهة الدّلالة فإنّ الألفاظ المتجانسة تردّد أصوات الزّوال إلماعا إلى زوال بابك وأتباعه. -لم يكتف أبو تمّام وهو يطلب المجانسة الإيقاعيّة فحسب بل طلب تقويّة معنى الزّوال بجعله معنى متواترا يحكي لحظة زوال بابك وأتباعه.

-يميل أبو تمّام بعد انتهاء النّزال إلى الهجاء بوصفه غرضا يقوم على تعداد مقابح المهجوّ ومساوئه فقد وصف بابك بالعجل لجبنه وضعفه محمّلا إيّاه مسؤوليّة موت أتباعه لرعونته وتسرّعه ومكابرته وهذا ما جسّمه التّشبيه الضّمنيّ فقد شبّه بابك فيه بالجمّال في حين شبّه أحابه بالجمال.

-إنّ هذه الصّورة الذّهنيّة صورة تحقيريّة ساخرة تخرج بابك وأتباعه من دائرة الإنسان إلى دائرة الحيوان: لقد خذل بابك أتباعه وقتلهم بهفواته وحماقته. -أغرق أبو تمّام وهو يستخدم حقلا معجميّا مفتوحا على المذامّ ومقابح في هجاء بابك لحظة أسره هجاء فيه تنكيل بالمهجوّ وتشهير بمساوئه -يظهر أبو تمّام وهو يسلك مسلك الهجاء شاعرا منفعلا يعمل على الانتقام من بابك بشعر يمسخه وتعداد مذامّه. -إنّ دور أبي تمّام مكمّل لدور المعتصم فهو قد انتقم من بابك شعرا بعد أن انتقم منه المعتصم فعلا.

-إنّ أبا تمّام قد استبدّ به نفس الحماسة والانفعال لم يكتف بتضخيم عظمة الممدوح وجيشه بل جرى أيضا إلى التصدّي للمهجوّ بابك باستخدام معجم هجائيّ مداره على المذامّ والمقابح والمفاسد إذ أخرجه في صورة بشعة ساخرة خرجت به عن دائرة الإنسان إلى دائرة الحيوان فهو مغلول مستبسل مصروع علج وهي صفات ذات شحنة تقبيحيّة سالبة تعكس نقمة الشّاعر الواصف على المهجوّ ومن ثمّ يبدو أبو تمّام منفعلا بالحادثة منخرطا فيها لتطويعه الشّعر للتّنكيل بالمهجوّ والتّشنيع به والحطّ من قيمته غير أنّ سقوط بابك يبقى دليلا على عظمة البطل المنتصرة الّذي استطاع أن يخمد انتفاضة أتباع الخرميّة بأن يقضي على قائدهم.

-يكمّل دور الشّاعر دور الممدوح البطل فإذا كان الشّاعر يجد في شعره سلاحا للتّنكيل بأعدائه والتّشهير بسلوكه فإنّ البطل يجد في السّيف أداة لإذعان الثّائرين لمشيئته.

جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام

1-المدح -يمثّل المقطع الأخير مدحا صريحا مباشرا نهض باستحضار الممدوح بضمير المخاطب وإسناد أفعال إليه وتعليق صفات به.

-يبدو حظّ/ منزلة المدح الصّريح المباشر حظّا مهمّشا عرضيّا بالقياس إلى حظ الواقعة من السـّرد التّفصيليّ المسهب وهذا راجع إلى طغيان نفس الحماسة على الكلام.

-يستنزف أبو تمّام كلّ طاقته لا في المدح الصّريح المباشر بل في حكاية المعركة واستقصاء أطوارها وملاحقة المعنى الحربيّ ومختلف تنويعاته. لقد بدا المعنى الحربيّ معنى مهيمنا يعتصـر سائر المعاني الأخرى ومن ثمّة فإنّه متى دخل غرضا شعريّا لوّنه بألوانه.

-يراوح أبو تمّام في المقطع الأخير من أسلوب الإنشاء إلى أسلوب الخبر فأنجز الإنشاء بالنّداء وهما عملان لغويّان يخرجان عن دلالتهما الأصليّة ليلتبس بدلالة سياقيّة فيها إطراء للمعتصم وامتداح له وتمجيد لإمرته على المؤمنين وقد أسند إليه فعل يدلّ بوزنه الصّرفيّ على الجعليّة والتّحويل أبدل ومدار التّحويل على خروجه بالمسلمين من حال الجدب والفراغ والموت والانكسار إلى حال الخصوبة والفعل والنّهوض والحياة.

-يجري أبو تمّام إلى تعظيم فعل الممدوح بجعله واهبا للخصوبة والحياة ودافعا للعقم والموت وقد مسّ هذا التّحويل الإسلام أيضا وقد انقلب من حال إلى حال فالحال الأولى عبّر عنها باستعارة أسندت فيها البشاشة إلى الإسلام وهي إستعارة تعضد فعل المحق.

-إنّ التّحويل الطّارئ على أمّة الرّوم هو تحويل من وجه لها موجب إلى وجه لها سالب وهو عبور به من وضع الخصوبة والحياة وقد عبّر عنه بمصدر يدلّ بوزنه الصّرفيّ على الصّيرورة والتّبدّل إلى وضع سالب عبّر عنه بمصدر يدلّ أيضا عن الصّيرورة.

-لقد استطاع البطل أن يثأر من الرّوم مخرجا إيّاه من الحياة إلى الموت غير أنّ مسار التّحويل الطّارىء على الأمّة الإسلاميّة هو مسار معاكس لمسار المشركين.

-لقد جاور أبو تمّام بين حدثين على أساس الأسبقيّة الزّمنيّة المعبّر عنها بالظّرف الزّمانيّ فالإسلام قبل الواقعة أشبه بإمرأة محقت بشاشتها وقوّضت زينتها وهذا ما أكّده المفعول المطلق ( محاق هلال ) النّاهض ببيان نوع الحدث.

– إنّ ما يجري إليه أبو تمّام ممّا لحق الإسلام والمسلمين من فساد وخراب ناجمين عن انتفاضة بابك أمّا الحال الّتي آل إليها الإسلام بعد الواقعة فهي حال عبّر عنها بتشبيه بليغ شبّه فيه بالبدر بجامع السّموّ والرّفعة والعلوّ بينهما بفضل المعتصم انقلب الإسلام من حال الخراب إلى حال النّهوض وتحوّل بابك وأتباعه من حال الحياة إلى حال الموت.

مقالات ذات صلة