ذكريات اليوم الأوّل بالمدرسة
أسفر صبح اليوم الموعود، يوم الالتحاق بالمدرسة. فاستيقظت باكرا، وجعلت أتأهّب للخروج. وكان إبي ينتظرني ليرافقني إلى المدرسة. وسرنا معا نخترق شوارع المدينة، وهو يسرع في سيره وأنا مستغرق في التّفكير: أفكّر في المدرسة والتّلاميذ والمعلّمين، وقد بدوا لي كأشباح غامضة تتراقص أمامي. ثمّ أمسك أبي عن المسير، ووقف بجانب بناية عتيقة شبيهة بدارنا، وأشار إليّ قائلا:” ها قد وصلنا إلى مدرستك، فادخلها وتوكّل على الله”. فرفعت بصري وقلت:” أهذه هي المدرسة؟”
ودخلت مع الدّاخلين، فوجدتني في ساحة فسيحة وسط جموع غفيرة من التّلاميذ يتلاعبون ويتصايحون ويركضون. فانزويت عنهم، واستندت إلى جذع شجرة أراقبهم من بعيدشارد النّظرات مندهشا من ضجيجهم. وطالت وقفتي وأنا على هذه الحال، حتّى سئمت الوقوف وفكّرت في الفرار.
وفيما أنا جامد في مكاني سمعت رنّة مفاجئة تدوّي في الفضاء، فاعترتني هزّة ، وإذا بناقوس المدرسة تتابع دقّاته بصوت رهيب. وما أمسك عن صليله حتّى تعالى صوت حهوريّ يأمر التّلاميذ بالانتظام في الصّفوف. فدُعيت إلى صفّ التّلاميذ الجدد، وأخذت مكاني بينهم، وقصدنا الفصل نضرب الأرض بأقدامنا مثل الجنود.
وفي هذه اللّحظة ، شعرت بأنّي أبتدئ حياة جديدة تختلف أيّما اختلاف عن حياتي المنزليّة السّالفة.
ذكريات اليوم الأوّل بالمدرسة
محمود تيمور ( بتصرّف)