خصائص البناء التراجيدي في مسرحيّة شهرزاد توفيق الحكيم لتلاميذ بكالوريا آداب
استلهم الحكيم في مسرحيته أسطورة ألف ليلة وليلة وابتدأ الأحداث على الرّكح من حيث انتهت تلك الأسطورة ليتمّ التّصرّف في الهرم التراجيديّ السّداسيّ لفريتاغ ويكتفي الحكيم عندها ببناء خماسيّ حدّدته البرامج الرّسميّة كما يلي:مقدّمة احتفاليّة،سرّ شهرزاد،الرّحيل،الخيانة،الكارثة.والتزاما منّا بإطار بحثنا فسنحاول تبيّن مراحل هذا البناء كما حدّدها سفر البرامج الرّسميّة.
**المقدّمة الاحتفاليّة:هيّ مرحلة دراميّة تؤدّي وظيفة التّأطير وتقديم أطراف الصّراع التراجيديّ وقد بدت مقدّمة شهرزاد احتفاليّة في العيد الّذي أقامه العذارى لها وفي القربان البشريّ الذي توسّل به شهريار للمعرفة وبذلك برز طرفا الصّراع شهرزاد الأنثى المنقذة للأرواح وشهريار السفّاح يقتل ليعرف فيلتجئ إلى السّحرة والكهّان وبرزت الشّخوص الثّانويّة معرّفة بالأبطال قبل بروزهم وكان حوار العبد والجلاّد مثيرا في بيان تحوّلات شهريار عن مادّيته ووحشيته إلى ضرب من التّأمّل وإطالة التّفكير في الأشياء.
**سرّ شهرزاد:يبرز المنظر الثّاني شهرزاد على الرّكح يسامرها الوزير ويبحث بذلك عن سرّها المحيّر ليرفض أن تكون عقلا عظيما ويصرّ على اعتبارها قلبا كبيرا في قوله”أكان هذا منك تدبيرا؟أكان هذا منك حسابا كلاّ؟ما أنت إلاّ قلب كبير”[1]ويعود شهريار في نفس المنظر ليسألها عن سرّها بقوله:”قد لا تكون امرأة.من تكون.؟إنّي أسألك من تكون؟أهي امرأة تلك الّتي تعلم ما في الطّبيعة كأنّها الطّبيعة؟”[2]ويقرّ أمامها بما يتوهّمه من سرّها فيقول:”ما أنت إلاّ عقل عظيم”[3].وبذلك يكون سرّ شهرزاد لحظة دراميّة ذهنيّة حافزة على الفعل المواليّ فعل الرّحيل.
**الرّحيل:يمثّل الرّحيل فعلا دراميّا متناميا لكنّ نزعته نزعة ذهنيّة وملامح التّصعيد فيه قد جسّدها المنظران الثّالث والرّابع فقد نقل المنظر الثالث عزم شهريار على الرّحيل يدفعه حبّ الاطّلاع الخادع فيقول:”أوّد أن أنسى ذا اللّحم وذا الدّود وأنطلق أنطلق إلى حيث لا حدود”[4]ويعلّل ذلك بمرض الرّحيل فيقول لشهرزاد:”أصبت هو مرض الرّحيل كما تقولين من استطاع تحرير جسده مرّة من عقال المكان أصابه مرض الرّحيل فلن يقعد عن جوب الأرض حتّى يموت”[5].ويجسّد المنظر الرّابع مشاقّ رحيله كفعل دراميّ يُصعّده فيجوب الأقطار شرقا وغربا.
**الخيانة:تمثّل الخيانة ردّ فعل على الرّحيل تسعى من خلالها شهرزاد في المنظرين الخامس والسّادس إلى استعادة شهريار إليها لذلك استدعت العبد وهي تردّد على مسامعه:”بل أريد عودته حتّى لا أشبع منك”[6] ثمّ تعود فتدعوه مع بداية المنظر السّابع لتقول له:”أريد أن أرى إلى أيّ حدّ تغيّر شهريار”[7]
**الكارثة:ويمثّلها المنظر السّابع من المسرحيّة وقد وزّعها على شخوص الرّواية فعتق العبد كارثة له أفقدته قيمته الذّهنيّة وأذهبت إشعاعه وانتحار قمر انطفاء للقلب في عالم المجرّدات والمعاني وعودة شهريار إلى الرّحيل تواصل للمأساة تلخّصها شهرزاد بقولها”أنت إنسان معلّق بين الأرض والسّماء ينخر فيك القلق”[8]
خصائص البناء التراجيدي في مسرحيّة شهرزاد توفيق الحكيم لتلاميذ بكالوريا آداب
[1] توفيق الحكيم.شهرزاد.المنظر الثّاني.ص38
[2] نفس المصدر.ص48-49
[3] نفس المصدر.ص51
[4] الحكيم.شهرزاد.المنظر الثّالث.ص61
[5] نفس المصدر ص64
[6] شهرزاد.المنظر الخامس.ص:78
[7] شهرزاد.المنظر السّابع.ص99
[8] شهرزاد.المنظر السّابع.ص111