مظاهر انفتاح مسرحية شهرزاد على الوافد الإغريقي - درس

مظاهر انفتاح مسرحية شهرزاد على الوافد الإغريقي

مظاهر انفتاح مسرحية شهرزاد على الوافد الإغريقي

ترجمت مسرحية “شهرزاد” انفتاحها على الوافد الإغريقي من خلال القرائن التالية:

أ: في مستوى الصراع: تميز صراع شهريار في مسرحية “شهرزاد” بمقارعة البطل لقوة قاهرة ومفارقة له ← تجارب شهريار جميعها (تجربة السحر، تجربة القتل للمعرفة، تجربة الزهد في الأجساد، تجربة الرحيل….) إنما أراد شهريار من خلالها التحرر من سجن الجسد وقفص الدنيا وأسر المكان: قال شهريار “الطبيعة كلها ليست سوى سجن صامت يضيق علي الخناق… أود أن أنسى هذا اللحم… ذا الدود… وأنطلق… أنطلق إلى حيث لا حدود”

← هذا الشاهد يؤكد نزوع شهريار إلى الخلاص من المكان (الجسد/الطبيعة/الدنيا) إلى حيث اللامكان وفي ذلك توق إلى التحرر من القيود البشرية والرتبة الآدمية: هذا الصراع بين شهريار بماهو قوة محدودة وبين المكان بماهو قوة قاهرة يجذر صراع شهريار في التراث التراجيدي الإغريقي

←← صراع شهريار مع المكان صراع عمودي بين الإنسان القوة المحدودة والمكان القوة القاهرة المتعالية والصراع العمودي من خصائص التراجيديا الإغريقية.

ب: في مستوى صفات البطل: تميز شهريار في مسرحية “شهرزاد” بجملة من الصفات التي تجعله يتماهي مع أبطال التراجيديا الإغريقية من ذلك الصفات التالية: التطرف والعناد وحمى الكبرياء وجنون العظمة والفخر بالنفس والزهو بالذات والغطرسة وعدم معرفته لحدود إمكاناته ومستطاعه…..

← كل هذه الصفات تمثل في البطل شهريار بذورا للسقطة التراجيدية شأن أبطال التراجيديا الإغريقية الذين ينتهون إلى المأساة نتيجة غرورهم وتطرفهم وعدم توسطهم واعتدالهم….

← ترجم شهریار تطرفه وعناده وغروره في مستويين:

في مستوى الملفوظ الدرامي: تميز الملفوظ الدرامي لشهريار بالحدة والعنف والتطرف وعدم التوسط من ذلك الأقوال التالية: “أنا في أوج العقل والمعرفة”، “لن يهدأ عقلي حتى أعلم”، “أريد أن أعرف الآن لقد صبرت طويلا”….← قال أحمد عثمان مؤكدا على صفة التطرف في شهريار “شهريار أوديب ثان مستعد مثله أن يضحي بكل شيء في سبيل البحث عن الحقيقة”.

– في مستوى الطموحات: تميزت طموحات شهریار باللامعقولية والتطرف إذ أراد أن يتجاوز مقومات، إنسانيته ورتبته البشرية ووضعه الآدمي لينال منزلة فوق بشرية ← حمل شهریار نفسه أن تعاني ما لا طاقة لها به وأرادها أن تحقق ماهي عاجزة عنه بطبيعتها ← قال الأستاذ الحبيب شبيل مؤكدا على تماهي شهريار مع أبطال التراجيديا “أليس هو العناد والتجبر؟؟. لقد جعل شهریار نفسه ندا لمقاومة سنن الوجود البشري، يقارعها لأنه يعتقد أنها قد جدت من حريته: فشهريار هنا لا ترضيه البشرية فأراد أن يكون له ما لم يكن لبشر إنه يريد المنزلة الأرقى”← شهریار بطل متأله شأن أبطال التراجيديا الإغريقية.

ج: في مستوى النهاية: انغلاق مسرحية “شهرزاد” على الكارثة والمأساة من خلال حدث موت البطل شهريار ضرب من التماهي مع التراجيديا الإغريقية التي تنتهي من جهتها على الكارثة والمأساة ← موت شهريار بماهو كارثة ومأساة تأكيد على أن الإرادة الإنسانية محدودة بالقياس إلى سنن الطبيعة والقوى المفارقة المتعالية ← اختيار الحكيم الكارثة نهاية لشهريار لیست تماهيا مع النهايات في التراجيديات الإغريقية فقط وإنما تأكيد على الإنسان مهما تقادر وجاهد وكافح فلن ينال رتبة فوق رتبته الإنسانية: الإنسان متقادر غير قادر مطلق القدرة ← قال أحد النقاد “إن مسرحية شهرزاد تقول أن الإنسان محدود القدرة، وهو لذلك خاضع لقدرة لا قدرة له عليها،

وبذلك تتأكد صلة شهرزاد بالمسرح الاغريقي من خلال تنوع مظاهر انفتاح مسرحية شهرزاد على الوافد الإغريقي

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا