المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها

المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها

المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها:

تواترت في شعر الحماسة عند أبي تمّام وأبي الطيّب المتنبّي وابن هانئ الأندلسيّ سجلاّت للقول متعدّدة ومعاجم كثيرة من أهمّها :

* المعجم الدينيّ :

تواتر المعجم الدّيني في حماسات هؤلاء الشّعراء تواترا لا يمكن إغفاله . فحضر حضورا وظيفيّا يخدم الحماسة فنّا ودلالة .ومن الألفاظ الدّالّة على حضوره نذكر ” الفتح،الإسلام،الشّرك، المشركين , الله ,الدّين ,الخلافة , الملائكة , الحمد , الكفر , التّوحيد ,النبوّة,الحجيج الهدي…”وقد ورد في سياقات مختلفة, ونهض بالوظائف التّالية ــــــــإضفاء بعد قدسيّ على فعل البطل الموصوف , فهو قائد تؤيّده قوة ربّانيّة وتنصره على أعدائه وهو ما يتجلىّ في قول أبي تمّام

نزلت ملائكة السّماء عليهم لمّا تداعى المسلمون نزال
و في قول ابن هانئ الأندلسيّ:
أطاع لها أنّ الملائك خلفها كما وقفت خلف الصّدود ردود
وفي قوله :

نصر الالاه على يديك عبادهوالله ينصر من يشاء ويخذل
ــــــــــتحويل الموصوف البطل إلى رمز , فهو التّوحيد في مقابل الشرك أو هو الإيمان في مقابل الكفر . وقد تشكل هذا البعد الرّمزيّ في قول المتنبّي:
ولست مليكا هازما لنظيرهولكنّك التّوحيد للشّرك هازم
ــــــــــ تحويل انتصار البطل إلى حدث جلل عظيم مثلما هو الأمر في قول أبي تمّام:
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به نظم من الشعر أو نثر من الخطب
فتح تفتح أبواب السّــــماء له وتبرز الأرض في أثوابها القشب
ــــــــــجعل القائد البطل مصدر قوّة ومناعة للإسلام ونصرته ورافع رايته ونموذجا للحميّة الدّينيّة . يقول أبو تمّام:
أبقيت جدّ بني الإسلام في صعدوالمشركين ودار الشّرك في صبب
ويقول أيضا:
أمسـى بك الإسلام بدرا بعدما محقت بشاشته محاق هلال
ويقول المتنبّي:
تبيت بها الحواصن آمناتوتسلم في مسالكها الحجيج
ويقول ابن هانئ الأندلسيّ:
أنت السّبيل إلى مصر وطاعتهاونصرة الدّين والإسلام في حلب
ويقول أيضا:
وجلا ظلام الدّين والدّنيا به ملك لما قال الكرام فعول
ـــــــــــ وصف العدوّ ووصف الهزيمة التي ألحقها به المسلمون . من ذلك قول أبي تمّام
آلت أمور الشّرك شرّ مآل وأقرّ بعد تخمّط وصيال
← إن حضور المعجم الدّيني هو حضور وظيفيّ . فهو يؤثّر في المتقبّل إذ يحرّك فيه شعوره بالانتماء الدّينيّ , ويخاطب فيه اعتزازه بالانتماء إلى هويّة ودين لهما عمق في التّاريخ وفعل فيه , فهو من هذه الوجهة له فعل تعبويّ وتحميسيّ في نفوس متقبّليه وضمائرهم . وهو مساهم في بناء صورة الموصوف البطل أوعدوّه ,فهو من هذه الوجهة له وظيفة فنيّة , إذ هو مساهم في تضخيم صورة الموصوف والارتقاء بها إلى مقام النّموذج الأوفى والأكمل والأعظم والأقدر .
* المعجم الطّبيعي : المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها

تواتر في شعر هؤلاء معجم طبيعيّ من قبيل ” الشّمس , الصّوى , النّجوم ، الأسود , الكلب , الوحوش , الثّعالب ,الطّير , الدّجى , الغمام , الرّياح , الغيث ,السّحاب, الماء , الجبال, الموج, السّحب …” إضافة إلى
تواتر صفات عديدة لعناصر الطبيعة . وقد استخدم هذا المعجم في سياقات مختلفة أهمّها :
ــــــــ وصف البطل: يقول أبو تمّام في وصف قوة البطل
وشجاعته :
تدعى بطاعتك الوحوش فترعوي والأسد في عريسها فتدين
ويقول المتنبي:
فلا زالت عداتك حيث كانت فرائس أيّها الأسد المهيج
ويقول أيضا واصفا سيف الدّولة مستحضرا صورة البحر :
ووجه البحر يعرف من بعيد إذا يسجو فكيف إذا يموج
ــــــــجعلعناصر الطبيعة تعاضد البطل : يقول أبو تمّام:
إن يبتكر ترشده أعلام الصّوى أو يسر ليلا فالنجوم منار
ويقول ابن هانئ:
وانّ الرّياح الذّاريات كتائب وٲنّ النّجوم الطّالعات سعود
ــوصف الجيش :

يقول أبو تمّام:
أسرى بنو الإسلام فيه و أدلجوا بقلوب أسد في صدور رجال
ويقول المتنبّي:
والماء بين عجاجتين مخلص تتفرّقان به وتلتقيان
ويقول ابن هانئ الأندلسيّ:
تسير الجبال الجامدات لسيره وتسجد من أدنى الحفيف وتركع
ـــــوصف آثار الحرب في المكان : يقول أبو تمام:
بذّ الجلاد البذّ فهو دفين ما إن به إلاّ الوحوش قطين
ويقول المتنبّي:
سقتها الغمام الغرّ قبل نزوله فلما دنا منها سقتها الجماجم
ويقول ابن هانئ:
ما كرّ جيشك قافلا حتى خــلت تلــك الهضاب منيـعة و الٲجـبل
من كل ممنوع صياصيها يرى ليلا بحيث يرى السّماك الأعزل
ـــــــالمقابلة بين صورة البطل وصورة عدوّه : يقول أبو تمّام:
فأعادها تعوي الثّعالب وسطها ولقد ترى بالأمس وهي عرين
ويقول أيضا:
قد حلّ في صخرة صمّاء معنّقة فأنت برأيك في ٲوعارها درجا
ويقول المتنبي:
أبالغمرات توعدنا النّصارى ونحن نجومها وهي البروج
ــــــــ وصف المعدّات الحربيّة : يقول ابن هانئ في وصفالأسطول الحربيّ:
عليـها غــمام مكــفهرّ صـبيــره لــه بـارقـات جـمّة ورعــود
من الرّاسيات الشمّ لولا انتقالها فمنــها قــلال شمـّخ وريـود
مـن الــطّير إلاّ أنـّـهنّ جـــوارح فليس لها إلا النّفوس مصيد
ـــــ التغنّي بالنّصر : يقول أبو تمّام :
فتوح أمير المؤمنين تفتّحت لهنّ أزاهير الرّبا والخمائل
ويقول ابن هانئ:
يوم عريض في الفخار طويل ما تنقضي غرر له وحجول
ـــتخليد البطل: يقول أبو تمّام:
سقى الغيث غيثا وارت الأرض شخصه وان لم يكن فيه سحاب ولا قطر
←يرد المعجم الطبيعيّ في الغالب الأعمّ في تشبيهات أو في مركّبات استعاريّة ويستخدم كمعجم حسيّ يقرّب صورة الموصوف إلى المتقبّل , فيستحضر الشّاعر صورا لعناصر الطّبيعة تجسّم قوّة الموصوف البطل أو قوّة جيشه أو قوّة أثر فعله في ساحة الحرب , أو هي تجسّد ضعف العدوّ وترسم صورته قبل المعركة وبعدها . فكان هذا المعجم خادما
لمعاني الحماسة منخرطا في سياق التغنّي بمعاني الحرب والبطولة خاصّة منها الشّجاعة والبأس والبطش.

* معجم الأعلام ( أسماء الأعلام ) : المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها

وهو ضربان : أسماء أعلام أشخاص وأسماء أعلام أماكن :

1-أسماء أعلام أشخاص :

هم ملوك وخلفاء وقوّاد جيش من المسلمين أو من أعدائهم , وأسماء أعلام قديمة:
•أسماء أعلام ملوك وخلفاء وقوّاد جيش من المسلمين أو من
أعدائهم : وردت هذه الأسماء في الغالب الأعمّ في سياقات وصفيّة تعلي من قيمة الشّجاعة والإقدام والبأس لدى الأعلام المسلمين, وفي المقابل تلحق الانكسار والهزيمة والضّعف والجبن والذلّ بأعدائهم ومن الأمثلة المؤكّدة لذلك قول أبي تمّام :
قد كان عذرة مغرب فافتضّها بالسّيف فحل المشرق الافشين
لاقاك بابك وهو يزار وانثنى وزئــيره قــد عاد وهوأنــــين
وقوله
فظلّ بالظّفر الافشين مرتديا وبات بابكها بالــذلّملتحــفا
أعطى بكلتا يديه حين قيل له هذا أبو دلف العجلي قد دلفا
وقول المتنبي:
يكلّف سيف الدّولة الجيش همّه وقد عجزت عنه الجيوشالخضارم
وقوله أيضا
: أفي كل يوم ذا الدّمستق مقدم قفاه على الإقدام للوجه لائم؟
وقول ابن هانئ : هذا المعزّ وسيف الله في يده فهل لاعدائه بالله من قبل ؟
أو قوله: حسب الدّمستق منك ضرب أهرت هدل مشافره وطعن انجل
•أسماء قديمة لأعلام تاريخيّين : ترد أسماؤهم في الغالب في سياقات حجاجيّة .فيماثل الشّاعر بينها وبين البطل الموصوف في المكانة والعظمة أو يتّخذ الشّاعر هذه الأسماء سبيلا للارتقاء بموصوفه ﴿الممدوح , المرثي , الذّات المفتخرة ﴾ إلى مقام أبطال التاريخ أو جعله يتجاوزهم في المقدرة لأنّه حقّق ما عجزوا عن تحقيقه تأكيدا لبطولته الاستثنائيّة حتى تتّخذ مكانة في قلوب النّاس مثلما اتّخذتها شبيهاتها في تاريخ الأمّة أو الأمم. ومن الشّواهد المؤكّدة لذلك قول المتنبي :
إن حل ّفي فرس ففيها ربّها كسرى تذلّ له الرّقاب وتخضع
أو حلّ في روم ففيها قيصر أو حـلّ في عــرب فـفيها تبــّـع
وقول أبي تمّام في سياق وصفه لسقوط عموريّة في يد
المعتصم بعد أن كانت على مرّ التّاريخ قلعة حصينة وقفت في وجه الغزاة والأكاسرةوالجبابرة تأكيدا لعظمة المعتصم وإشادة ببطولته
:
وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها كسرى وصدّت صدودا عن أبي
كرب
من عهد اسكندر أو قبل ذلك قد شابت نواصي الليالي و هي لم
تشب
وقول ابن هانئ الأندلسـي
: كسـرى شهنشاه الذي حدّثته هذا فأين تظنّ منه المهربا ؟
أو قول أبي تمّام
:
ما نال ما قد نال فرعـــون ولا هامان في الدنيا ولا
قارون
بل كان كالضحّاك في سطواته بالعالمــين وأنت افريــذون

2- أسماء أعلام أماكن وهي أسماء مواقع معارك

ومدن وقرى وأقاليم بلغتها جيوش المسلمين ودارت فيها حروب بينهم وبين أعدائهم ,أو هي مواقع وأماكن يدير فيها الموصوف الملك , أو هي وقائع قديمة يثير استحضارها وذكرها في المخيال الجمعي مشاعر الاعتزاز والفخر والإكبار والقداسة ويقدح شرارة التطلّع إلى تحقيق الأمجاد
… وقد وردت أسماء المواقع والوقائع في سياقات سردية تخبر عن الأحداث الجسام من ذلك:
•ذكر واقعة عمورية في قول أبي تمّام:
يا يوم وقعة عمورية انصرفت منك المنى حفلا معسولة الحلب
وقد أشاد بها إشادة لا تقل شٲنا عن فتح مكة بل ماثل بينهما عن طريق الكناية في قوله :
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به نظم من الشعر أو نثر من الخطب
وحوّلها إلى معركة يتّصل نسبها بغزوة بدر وبالفتوحات الإسلامية الأولى في قوله:
فبين أيامك اللاتي نصرت بها وبين أيام بدر اقرب النسب
•ذكر واقعة ارشق في قوله:
يا يوم ارشق كنت رشق منية للخرمية صائب الآجال
•ذكر واقعة الحدث في قول المتنبي:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها وتعرف أي الساقيين الغمائم؟
•ذكر واقعة المجاز في قول ابن هانئ:
تلك الجزيرة من ثغورك برزة نـور النـبوة فـوقها يتـــهــلـــل
ارض تفجر كل شيء فوقــها بدم العدى حتى الصفا والجندل
وقد يتكثف حضور الأماكن والمواقع فتكون أطرا لوقائع
يسردها الشاعر وشاهدا على إقدام البطل الموصوف وبعد همته في حروبه وهو ما يؤكده قول أبي تمام:
وطــئت هامة الضـواحي فلمــا أن قضت نحبها من الفيذوق
ألهبتها السـياط حـتى إذا استفـ ت باطلاقــها علىالباطـلوق
شــنها شـزب فلــما استباحــت بالباقلار كـــل سـهبونيــق
سار مستقدما إلى البأس يزجى رهــجا باســقا إلى الابـسـيق
وقد تكون شاهدا على قدرة البطل الحربية وقوته العسكرية
وهو ما يؤكده قول ابن هانئ
وطبق الأرض من مصر إلى حلب خيلا ورجلا ولف السهل بالجبل
و أوردت خيله مــاء الفرات فمــا صدرن حتى وصلن العل بالنهل
أو تكون شاهدا على حسن تدبيره الملك وسياسة الدولة وهو
ما يتجلى في قول المتنبي
:
يدبر الملك من مصر إلى عدن إلى العراق فارض الروم فالنوب

← حضرت أسماء الأعلام في سياقات مختلفة : سياقات سردية ووصفية و حجاجية فكان حضورها خادما المعاني الحماسية وباعثا لانبهار المتقبل وإعجابه , إذ يحول البطل الموصوف كائنا خارقا للمألوف يأتي أعمالا مذهلة ويتصف بصفات خارقة جعلته يرقى إلى مثل الأمة ومنشودها الأعلى , ينتزع إعجاب جمهورها ويتحول في مخيلاتهم رمز القيم المثلى الخالدة.

* معجم الحرب 2-
هو أكثر هذه المعاجم تواترا وتكثفا وأشدها حضورا , بل لعله هو الذي يأتلف حضور المعاجم الأخرى ويستدعيها نظرا لاتصاله الشديد بالحماسة من جهة وبكونه المادة الخام التي تنشٲ منها معاني الحرب والبطولة وتتكون وتتشكل .ويمكن ضبطه في أسماء الحرب وأعمالها وفي آلاتها ومعداتها . فتواترت للحرب أسماء كثيرة منها “الحرب , معركة , وقعة , الهيجاء , الوغى , يوم النزال , يوم
الطعان , يوم القتال , الوقيعة , المعمعة , الغزو …” وقد استخدمت في سياقات مختلفة منها:
•وصف البطل من ذلك مماثلة المتنبي بين سيف الدولة والحرب
لحظة المعركة عن طريق الكناية في قوله

أذا الحرب قد أتعبتها فاله ساعة ليغمد سيف أو يحل حزام
وهو ما يتجلى كذلك في قول ابن هانئ:
كأنك في يوم الهياج مرنح تهيج المثاني شجوه والمثالث
وكذلك قوله في سياق وصف الجند:
فالبأس في حمس الوغى لكماتها والكبرياء لهن والخيلاء
وفي وصف أبي تمام للحرب في وقعة عقرقس:
يوم حلق اللمات ذاك وهذا الـ يوم في الروم يوم حلق الحلوق
•ورودها في سياق سردي يؤطر الأحداث من ذلك قول ابن هانئ :
قد سرت في الميدان يوم طرادهم فعجبت حتى كدت أن لا أعجبا
•أو ورودها في سياق المقابلة بين حالتي الحرب والسلم .
يقول ابن هانئ:
فان تكن حرب فالمفارق و الطلى وان يكن سلم فالشوى والعراقيب
•أو في سياق الإشادة بالنصر وهو ما يتجلى في قول أبي تمام :
يا وقعة ما كان اعتق يومها إذ بعض أيام الزمان هجين

المعاجم في شعر الحماسة خصائصها ووظائفها

مقالات ذات صلة

  • وصف الحرب وآثارها في شعر الحماسة
  • وصف البطل في شعر الحماسة
  • تشكيل الصّورة في شعر الحماسة:الوسائل/الطّريقة
  • الاختبار التّأليفي في المقال الأدبي الحماسة
  • فرض في المقال الأدبي تدريب الحماسة
  • تحليل مقال في الحماسة
  • جذاذة شرح نص الجواري المنشآت ابن هانىء
  • شرح قصيدة قبحا لوجهك يا زمان للمتنبي
  • جذاذة قصيدة لهذا اليوم بعد غد أريج
  • شرح قصيدة فتى عنده خير الثواب وشره
  • قصيدة الكريم الحر ليس له عمر – أبو تمّام
  • جذاذة شرح نص يوم أرشق أبو تمّام
  • شرح قصيدة فتح الفتوح
  • وصف الحروب في شعر المتنبي
  • أنواع النصّ الحماسيّ
  • التّوليد في شعر أبي تمّام:خصائصه/وظائفه