المجاز العقلي

المجاز العقلي هو مجاز يجري في إسناد. إذ يسند المتكلّم فعلا أو ما في معناه. إلى فاعل غير فاعله الحقيقيّ لعلاقة بينهما غير المشابعة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقيّ.

تتنوّع العلاقات تنوّعا كبيرا فنجد السّببيّة والزّمانيّة والمكانيّة والفاعليّة والمفعوليّة والمصدريّة وغيرها. ولا تكمن الأهمّية في هذه الأسماء الّتي وضعها البلاغيّون. وإنّما في الوقوف على طرافة العلاقة الّتي أجراها المتكلّم بين الإسناد الحقيقيّ والإسناد المجازيّ.

للمجاز العقلي قرينة تمنع من إرادة الإسناد الحقيقيّ وتؤكّد إرادة الإسناد المجازيّ وهي عادة الاستحالة العقليّة.

وظيفته: يبعث الحيويّة فيما أصله الجمود ويحرّك ما من عادته السّكون فينشئ ما نسمّيه عادة التّشخيص.

الأمثلة:

قال أبو تمام يرثي خالد بن يزيد الشيبانيّ:

فلا تخز أيّامه الصّالحات***وما قد بنى من جليل البناء

وقال أبو الطّيّب المتنبّي:

بناها فأعلى والقنا يقرع القنا***وموج المنايا حوله متلاطم

قال السّيّاب:

وأنت مثل الدّوحة العارية

لم يبق منك البغي إلاّ الجذور

الموت واه دونه والنّشور

وتجري دونك السّاقية

قال شوقي:

يأمر السّيوف في الرّقاب وينهي ولمصر على القذى إغضاء

نلاحظ أنّ المتكلّم قد أسند بعض الأفعال أو ما يقوم مقامها وما يجري في معناها من المشتقّات إلى غير ما تسند إليه في العادة. فأجرى إسنادا مجازيّا. ويسمّى ذلك مجازا عقليّا.

فأبو تمّام أسند البناء إلى المرثيّ وهو من سادة القوم بد أن يسنده إلى عمّاله البنّائين. وإنّما قصد بهذا الإسناد المجازيّ أنّه أمر بالبناء وكان سببه.والقرينة المؤكّدة لذلك هي الاستحالة العقليّة لأنّه لا يعقل أن يبني هذا السّيد بنفسه ويعقل أن يأمر بالبناء.