نقاط الائتلاف في إيقاع شعر الحماسة
الإيقاع:
– ظاهرة راهن عليها شعراء الحماسة لإدراكهم أنّ الشعر فنّ سمعيّ وإنشاد يسعى إلى التّطريب والتّطريب والتّأثير في المتقبّل وحرصوا على أن يلائموا بين المعنى والمغنى فعبّروا بالأنغام عمّا لم تُفصح به الألفاظ واشتركوا في استغلال كلّ الطّاقات الموسيقيّة للألفاظ والحروف فتخيّروها قويّة فخمة شديدة في مواطن الشدّة كما نرى ذلك في قول المتنبّي:
بناها فأعلى والقنا يقرع القنا— وموج المنايا حولها متلاطم.
فالشّاعر يميل إلى التّوقيع الّذي يقلب الموصوف مسموعا فتقوم أقواله للسّامع مقام الأفعال فإذا بالسّامع يدرك قعقعة الأسلحة من خلال صوت القاف الشّديد المفخّم ولكنّنا نسمع صوت “هدير أمواج الموت” من خلال صوت الميم الذي يتردّد في العجز.
وحرصوا على تنويع الإيقاع فلم يوقّعوا بالإعتماد على الجاهز (البحر ، الرويّ) وإنّما عمّروا القصيدة بإنواع الأنغام الّتي تتأتّى من التّكرار والترديد (اللفظي والصوتي) كما في قول أبي تمّام:
علموا بأنّ الغزو كان كمثله*** غزوا وأنّ الغزو منك بوار.
أو تصدر عن الموازنة التركيبيّة أو التّماثل: كقول ابن هانىء في وصف حراقات المعزّ:
فأنفاسهنّ الحاميات صواعق ***وأنفاسهنّ الزّافرات حديد
أو تنبع من الاشتقلق والتجنيس كما في قول أبي تمّام:
لولا جلاد أبي سعيد لم يزل *** للثّغر صدر ما عليه صدار
أو قوله:
السّيف أصدق إنباء من الكتب **** في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب