مفهوم الرؤيا في الأدب الرومنطيقي وعلاقتها بالخيال وأنواعها
علاقة الرؤيا بالخيال في الأدب الرّومنطيقي
ما بين الخيال والرؤيا في الأدب الرومنطيقي العربي هو علاقة تفاعل، حين يحفّز أحدهما الآخر ويدفعه. إذ دون الخيال لن تكون للرّؤيا قفزتها خارج المفهومات السّائدة. ولن تتجاوز معطيات الإدراك الحسّي المباشر، وبدون الرّؤيا يصبح الخيال كسيحا لا طاقة له على الانطلاق. وبما في طبيعة الحركة الرّومنطيقيّة العربيّة من تحرّر وخيال منطلق، فإنّ ما أثمرته هو إحداث خلخلة في عناصر الشّكل الشّعريّ الموروث.
كما أنّ الهدم والمغامرة هما ما يجول في أفقهما ولا بدّ أن تقود هذه الأشياء الخلخلة، الهدم، المغامرة إلى الغموض بنسبة ما وبنحو من الأنحاء.
وبناء عليه يكون جبران كاتبا رؤيويّا. والرّؤيا في دلالتها الأصليّة وسيلة للكشف عن الغيب. وهي كذلك نوع من الانفصال عن العالم المحسوس واستغراق في عالم الذّات. ففي الرّؤيا ينكشف الغيب للرّائي فيتلقّى المعرفة كما يتجسّد له الغيب في شخص ينقل إليه المعرفة، أو هي نظرة تخترق الواقع إلى ما ورائه، ولن تكون الرّؤيا ويكون الشّاعر رائيا إلاّ”بإحداث بلبلة حادّة في حواسّه ليعرف من خلال ذلك الحقيقة الجوهريّة الكامنة وراء الظّواهر الخارجيّة والتّعبير عنها“. وإحداث بلبلة متّصلة بالحواس يعدّ شرطا للرّؤيا الشّعريّة، وقد ربطها فراي بالثّورة من حيث كونها اندفاعا إلى التّحرّر من هذا العالم بكلّيته وبلوغ عالم أفضل والرّؤيا جسر ضوئيّ يمدّه الشّاعر
أنواع الرؤيا في الأدب الرومنطيقي العربي
الرؤيا ضربان: رؤيا استرجاعيّة للزّمن في ماضيه ورؤيا استشرافيّة للزّمن في آتيه. فكأنّ الرّومنطيقيّ برؤياه الاسترجاعيّة أو الاستشرافيّة يتخطّى الآماد والأزمان، وبهذا يكسر نمطي المكان والزّمان معا.
فتتواصل الأصوات وتتجمّع بشكل غير متجانس أو غير منطقيّ. كما يحضر الزّمان في غير زمانه وينبت المكان في غير مكانه، لكنّها الرّؤيا الحلميّة، الّتي وحّدت المتناقضات، وجانست بين المتنافرات ولعلّه لهذا ذهب صلاح فضل إلى “أنسب البنى للشّعر الرّؤيويّ هو عدم اعتمادهاعلى أنماط المجاز المألوف” وبذلك يتأسّس الغموض وهناك إلى جانب ممّا ذكر من خصائص، ربّما تسبّب الغموض أو تمهّد له ما يطلق جون كوين”عدم الاتّساق”. وبذلك تكون الرؤيا في الأدب الرومنطيقي معللة مبررة