الطبيعة في أدب جبران خليل جبران - درس -

الطبيعة في أدب جبران خليل جبران

الطبيعة في أدب جبران خليل جبران : الإيمان بالطّبيعة وبما هو طبيعيّ ورفض ما هو اصطناعيّ ثقافيّ:

 الطبيعة مبدأ أساس في الرّومنطيقيّة ولا تخلو مؤلّفات جبران شعرها ونثرها من تأكيد هذا المبدإ.

ليس هناك شاعر لبنانيّ لم يحتف بالطّبيعة من الرّيحانيّ إلى أبي ماض إلى نعيمة إلى رشيد أيّوب إلاّ أنّ جبران كان أكثرهم احتفاء بالطّبيعة وعناصرها، تشهد بذلك آثاره جميعا. ولك أن تتأكّد من حضور هذا المبدإ في عواصف جبران في مختلف الأقاصيص من خلال النّظر في معجم الطّبيعة فهو المعجم الأساسيّ الّذي يعترف منه جبران تعابيره وصورهوهو المصدر الأساسيّ للإلهام الأدبيّ عنده نثرا وشعرا ولعلّ كثافة المفردات المستعارة من حقل الطّبيعةوكمّ الصّور المنقولة عنها تقدّم الشّاهد على ذلك: ” الغاب، الغدير، الصّخور، النّهر، البحر، الغيم، الأصيل، الشّروق، الغروب، الشّجر، المطر، الكهف، السّاقية، البستان، الرّابية، البركة، التلّة، الوادي، المنحدر.”

انطبعت صور الطّبيعة في ذهن جبران إبّان الطّفولة وعندما سافر إلى المهجر حمل في حقيبة ذكريات الطّفولة العامرة صور طبيعة الرّيف اللّبنانيّ الجميل فزادت تلك الصّور رسوخا لا لأنّ أمريكا كانت امتدادا بل لأنّها كانت نقيضا لطبيعة لبنان وهدوء ريفه فالرّجل لم يقطن الرّيف الأمريكيّ بل سكن حيّا فقيرا بائسا في مدينة صاخبة لاهية.

تعرّف جبران إلى الطّبيعة في المرحلة الأولى من حياته وقد تشرّب معانيها في ظلّ التّصوّرات الرّيفيّة الّتي دخلت نسيج تكوينه حتّى صارت بعضا منه لذلك لازمته حضورا في كلّ ما كتب في المرحلة الرّومنطيقيّة وقبلها وليس غريبا أن يكون استخدام جبران لمظاهر الطّبيعة قد أضفى على أسلةبه وشاحا خاصّا ورقّة مستعذبة وطلاوة حلوة، لقد كانت ا الطبيعة في أدب جبران خليل جبران معلّمه الأكبر لذلك يلتجئ إليها حتّى إن كانت الفكرة واضحة بيّنة، فالطّبيعة عند جبران أسلوب أثير يستخدمه في شدّ القارئ وفتح نفسه للنصّ من خلال بسط ذلك المهاد العاطفيّ الّذي يدغدغ المشاعر فتتهيّأ الحواسّ لتلقي التّأثير الأدبيّ وقد انعكس ذلك في تعامله مع المعطى الطّبيعيّ، فرغم كلف جبران بالثّنائيّات جاء استعماله لها في الطّبيعة خفيفا، إنّ الطّبيعة الواسعة كان يستخدمها في التّعبير عن انفعالاته وأفكاره وعواطفه، لقد كان في كلّ خطوة يخطوها في الكتابة يستنجد بالطّبيعة لإيضاح ما لا تستطيع اللّغة إبرازه ومن ثمّة يصدق أن نقول إنّ في جبران هوسا بالطّبيعة كأنّما الرّجل عاجز عن الكتابة في غيابها لكن أيّة طبيعة؟ طبيعة جبران كما تجلوها نصوصه حيّة نظرة حادّة صارخة متنوّعة مغنّية أمّا الطّبيعة الباهتة فقيرة مفقرة ذات تلوين واحد فلا حضور لها عنده.

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا