رمزيّة اللّغة في حدّث أبو هريرة قال - درس

رمزيّة اللّغة في حدّث أبو هريرة قال

رمزيّة اللّغة في حدّث أبو هريرة قال:…: كتابة المسعدي إلى الرّمزيّة تنتسب وقد حدّد ذلك بقوله:

” ليس الشّعر في أن تقول كلّ شيء بل هو في أن تحلم النّفس بكلّ شيء”

والرّمز في حدّث أبو هريرة قال:… غير الغموض، بل هو اللّطف في الإشارة والإيحاء” أي أن يكون للغة ظاهر وباطن، معنى قريب وآخر بعيد، أن تقول المعنى وتهمس بمعنى المعنى، ويعلّل المسعدي اختياره لهذا النّمط بطبيعة اللّغة العربيّة الّتي ” تكره التّكرار والتّحليل والإلحاح والتّفهيم الثّقيل، فحيث نجد لغة أخرى تركّب المقدّمات وتتدرّج بالقارئ أو السّامع في سلّم التّحليل العقليّ والاستدلال المنطقيّ حتّى تبلغ النّتائج… نجد العربيّة ترسل الكلام وثبات وتقفز بالقارئ قفزا طاوية من اللّفظ كلّ ما يستغنى عنهفي تأدية ثنايا المعاني المفهومة.”

تأثّر المسعدي بالشعر الفرنسي

رمزيّة اللّغة في حدّث أبو هريرة قال

كما يبدو أنّ المسعدي في اختياره هذا النّهج كان متأثّرا بأعلام الشعر الغربيّ. ( مالارمي، بودلير في أزهر الشرّ، ثمّ بول فاليري) وقد اعترف المسعدي في أحد الاستجوابات بتأثّره بهم.

والشّعر عند هؤلاء رمز وإيحاء، إشارة وتلميح. واللّغة في نظرهم ليست وسيلة تعبير عن الموجود بل هي أداة تخلق في نفس المتلقّي حالة شبيهة بحالة واضعها.

وهذا ما يستدعي الحسّ والفكر والتّأمّل حيث تتّحد قوى المبدع بقوى القارئ.

وبذلك تصبح اللّغة جهازا من الصّور. لأنّها توقظ هذا الجهاز وتولّده. ويصبح الفهم بذلك إيقاظ حالة شعوريّة وحلما وتأمّلا

فلا تكون اللّفظة إشارة محدّدة بل إداة انفعال ولا تقتصر على كونها وسيطا بل تستحيل هي نفسها كونا شهريّا بأكمله.

من كلّ ذلك نتبيّن أنّ مهمّة القارئ للأدب الرّمزيّ لا تقلّ عن مهمّة الكاتب في الخلق والإبداع لأنّ دوره – بذلك – يتجاوز القراءة العادية إلى البحث عن نسيج العلاقات الخفيّة الكائنة بين الألفاظ وبين ما يفوق الوصف والتّعبير

واللّغة الرّمزيّة تبدو سهلة، لا تستوجب الرّجوع إلى المعاجموالقواميس لفهمها.

لكنّها في الحقيقة عميقة بعيدة المدى شديدة الخصوبة لأنّها كثيرا ما تتخلّص من معانيها المعجميّة والاصطلاحيّة وتوجد لذاتها معاني عديدة حافة بها أو مصاحبة.

والنّاظر في كتاب حدّث أبو هريرة قال:… يلاحظ بجلاء أنّ المسعديّ قد استوعب هذه المفاهيم وتبنّاها

فكان الخطاب في حدّث أبو هريرة ينساب على سطح الدّوال وتسكت المداليل إلى حين.

فصار اللّفظ رمز المعنى أو معنى المعنى وأداة وصل بين المنظور وغير المنظور.

فالرّمز إذن يتولّد لا عن الغموض بل عن تفاعل الألفاظ.

لذلك يقتله الفهم السّريع وتحييه هذه الإشارة الخصيبة الّتي تضطرّك إلى أن تقرأ النصّ مرارا وتكرارا.

فيعطيك في كلّ قراءة شيئا جديدا لم تظفر به في القراءة الأولى وهو ما يجعل حدّث أبو هريرة قال:… إقرب إلى الشّعر المنثورمنهى إلى النّثر العادي،

ذلك النّوع من الشّعر الّذي قال عنه ألفريد دي موسّيه ALFRED DE MUSSY :

” في كلّ شعر عظيم مادّة تفوق الكلام بثلاثة أضعاف وعلى القارئ أن يكتشف الباقي المحذوف…”

ولقد اتّخذ المسعدي التّعبير الرّمزي له سبيلا – على حدّ عبارة طه حسين-

وكان التّعبير الشّعريّ هو سبيله إلى تصوير الفكرة بالرّمز والإيماء…

والقصّة شعر كلّها ولكنّها شعر غير منظوم وربّما عرض فيها النّظم أحيانا ولكنّه نظم يبتكره الكاتب ليعبّر به عن ذات نفسه وهو إلى الشّعر الفرنسيّ المطلق أدنى منه إلى أي شيء آخر.

رمزيّة الشّخصيّات

رمزيّة الأمكنة

رمزيّة الأزمنة

أضف تعليق

لا يمكن نسخ هذا المحتوي

شكرا