الأسطورة في الأدب الرومنطيقي حاضرة حضورا مكثفا تنوعت مراجعها حسب مقاصد الشاعر الرومنطيقيّ
ليس غريبا ولا مستبعدا أن يستعمل الشّاعر الأساطير في شعره فالعلاقة بينهما كما يقول عزّالدّين اسماعيل” ترشّح لهذا الاستعمال” ولعلّ أوضح علاقة حميميّة بينهما هي معاناة كلّ منهما للواقع، مثل استعمال أبي القاسم الشّابّي لأسطورة بروميثيوس الجبّار المتمرّد الّذي علّم النّاس الفنون وأعطاهم المعرفة فتلبّس به وكان كلاهما جبّارا متمرّدا.
وربّما تكون معاناة الأسطورة للواقع الخارجيّ ومظاهره وظواهره الطّبيعيّة أكثر من معاناة الشّعر له، مثلما تكون معاناتين تلتقيان في طبيعتهما ولعلّ في مقولة مارك شورر ” الأسطورة أساس لا غنى للشّعر عنه” ومقولة ريتشارد تشيز:”الشّعر أساس لا غنى للأسطورة عنه.” فرغم اختلافهما الظّاهري ما يشير إلى هذه العلاقة المتداخلة بين الشّعر والأسطورة بسبب المعاناة الّتي تجمع بينهما ما جعل بعض الدّارسين يعدّ أحدهما توءما للآخر وأنّ عودة الشّعر إلى الأسطورة إنّما هو حنين منه إلى نوءمه وترب طفولته وهذا كلّه يغري بالقول بأنّ استعمال الأساطير في الشّعر هو عودة إلى منابعه البكر ثمّ إنّ أهمّ ما يصلبين الشّعر والأسطورة هو أنّ الأداة الّي ينهضان عليها ويتشكّلان منهاالخيال وهذا التّوظيف المتشابه للخيال أنتج لغة متشابهة هي لغة مجنّحة تومئ ولا توضّح وتوحي بالدّلالة ولا تقبض عليها.
إنّ الأسطورة في الأدب الرومنطيقي يتمّ اعتمادها أو توظيفها بوصفها ميراثا معرفيّا أو معرفة ثقافيّة من دون وضوح لتفاعلها مع الجانب الوجداني والانفعاليّ وانصهارهما (الاسطورة والوجدان) ليكونا بنية من بنى النصّ.
وبسبب ما في طبيعة الحركة الرّومنطيقيّة من تحرّر وخيال منطلق أفادته من الرّومنطيقيّة الغربيّة فإنّ ما أثمرته هو إحداث خلخلة في عناصر الشّكل الشّعريّ كما أنّ الهدم والمغامرة هما ما يجول في أفقيهما ولا بدّ أن تقود كلّ هذه الأشياء(الخلخلة والهدم والمغامرة ) إلى الغموض بنسبة ما وبنحو من الأنحاء.