شرح قصيدة خرق العادات :
الموضوع:
يتغنّى الشّاعر بصفات الحبيبة الخارقة للمألوف وتبريره لجفائها وقسوتها
المقاطع
يمكن تقطيع النصّ حسب معيار الضّمائر:
- من البيت الأوّل إلى البيت السّادس: هو + أنا: تغنّي الشّاعر بصفات الحبيبة
- بقيّة القصيدة: هو + أنت: تبرير الجفاء والقسوة.
شرح قصيدة خرق العادات :
1- تغنّي الشّاعر بصفات الحبيبة:
ينبني المقطع الأوّل على أسلوبي الإنشاء والخبر.
وقد خضع إلى توازن فريد سيّج بناءه:
- توازن كمّيّ بيتان للإنشاء، ثمّ بيتان صيغتا صوغا خبريّا فبيتان إنشائيّان
- تماثل تركيبيّ: كان أفقيّا تامّا البيت 1 والبيت 2 والبيت 3
- أمّا المعجم فإلى الطّبيعة ينتسب” الشّمس، البدر،القضيب، غزالة، مشرب الصّفحة”
كلّ ذلك ساهم في إضفاء غنائيّة خاصّة على القصيدة وانسجم مع ذلك التّناسق والتّوازن والتّركيب الّذي بنيت عليه صورة الحبيبة
عوّل الشّاعر في ذلك عل الإنشاء الطّلبيّ المنجز بالاستفهام وقد فارق دلالته الأصليّة إلى دلالة سياقيّة هي التّعجّب والحيرة” هل عهدنا…..”
وظّف الشّاعر إجراء بياني عمدته الاستعارة ” الشّمس تعتاد الكلل، البدر يجتاب الحلل، قضيب البان يعنيه الهوى، غزال القفر، يصبيه الغزل”لما فيه من تخييل، فكانت الاستعارات توحيدا بين عوالم متباعدة وأنبتت صورة للحبيبة في عوالم الخارق وغير المألوف. فكانت الحبيبة قطبا تدور حوله الأكوان وتغذّيه بما احتوته من عناصر جمال وحسن.
فالشّمس والقمر يُستعارا لتأكيد نورانيّة الحبيبة واختزالها معاني السّموّ والعلوّ والرّفعة ومغالبة الزّمن.
واستعير قضيب البان لتأكيد معاني طول القواموالرّفعة واللّين واختزاله معاني الحياة.
أمّا غزال القفر فيستعارللذّلالة على الخفّة والرّشاقة.
==<هذه الاستعارات تتأتّى من عالمين متناقضين ظاهريّا علم السّماء ( الشّمس والقمر ) وعالم الأرض ( قضيب البان وغزال القفر ) كما يظهر التّباعد أيضا بين (الشّمس = النّهار، البدر= اللّيل / قضيب البان= الطّبيعة الحيّة الخصبة، غزال القفر= الطّبيعة الجدباء).
===< بفضل هذه الاستعارات تتعمّق غرابة هذه الحبيبة الّتي تشكّلت من مشهد شعريّ قائم على تناسب الأضداد.
ولم يكن لهذا التّناسق أن يكون لولا طريقة الشّاعر ” التّنضيد” بين هذه المتناقضات،
فرغم تباعد هذه العناصر فإنّ الجامع بينها هو المرأة فهي الخيط النّاظم الموحّد ليكون جمالها مفارقا عصيّا على التّمثّل فهي حبيبة عابرة للزّمان والمكان. هي امرأة انموذج مفارق للأشباه والنّظائر.
===< تضطلع الصّورة الشّعريّة بوظيفة تأسيسيّة . فالشّاعر يؤسّس صورة مفارقة تتأتّى من الأسطورة فهي توحّد المتناقضات وتجمع المتنافرات فهي صورة صغرى لهذا العالم الأكبر.
تنوّعت الاستعاراتفي المقطع الأوّل فاحتشدت عناصر الجمال في صورة الحبيبة ما جعل الجمال يستمدّ معناه وهويّته من انتسابه إلى هذه المرأة.
===< تجمع الحبيبة بين كلّ مقومات الجمال: الجمال الحسّي والجمال المعنويّ ( الخجل)
===< أنشأ ابن زيدون صورة شعريّة تكشف تطوّر الصّنعة الفنّية في الغزل الأنذلسيّ، فابن زيدون استطاع من خلال الاستعارات العجيبة الغريبة والمتوازنات والمتقابلات الطّريفة أن يرسم صورة جديدة لم تكن مألوفة في شعر المشرقيّين
===< التّجديد في هذا المقطع هو تجديد في طرائق إخراج الصّورة وفي الارتقاء بالمعنى مراقي الجمال.
2- تبرير الجفاء والقسوة
قام المقطع الثّاني على إنشاء طلبيّ منجز بالنّداء الّذي فارق دلالته الأصليّة ليفيد التّعظيم والتّمجيد. وهذه الانعالات الّتي يكشفها الإنشاءمقترنة بالحبيبة الّتي خرقت بمفاتنها التّقاليد الجماليّة وشكّلت الاستثناء فكانت أعمالها عجيبة غريبة في تجانس مع صفاتها وهو ما عمّق معاناة الشّاعر.
تنغلق القصيدة بأسلوب خبريّ، بدا متّصلا بما سبق من إنشاء.
فلئن كشف الإنشاء الانفعالات والتوتّر فإنّ الخبر كانت وظيفته التّعليل والتّبرير فالخبر يكشف صورة محبّ يتلذّذ بالألم ألم العشق والهوى
التّقويم:
لم يقطع الغزل الأندلسيّ نهائيّا صلته بغزل شعراء المشرق، فرغم التّجديد في مستوى طرائق إخراج الصّورة فإنّ المعاني الّتي أطّرت القصيدة تظلّ قائمة على التّقليد ومن أهمّها صورة المحبّ المتألّم والمحبوبة القاسيّة المتمنّعة الصّادّة.
التّأليف:
للتوسّع: يرجى الاطّلاع على مقالة بعنوان الغزل البدويّ والغزل الحضريّ ( هنا)
شرح نصوص أخرى من المحور